تدوينات تونسية

مبادرة الرئيس أم “هدم” نظام الميراث ؟!

القاضي أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء

صدمت كغيري من بعض الاقتراحات التي وردت على لسان رئيس الجمهورية في خطابه بتاريخ 13 اوت الجاري بمناسبة عيد المراة التونسية. وبقطع النظر عما تضمنه الخطاب بشأن تفكير الرئيس حول المساواة بين الجنسين وخصوصا ما يتعلق بالتسوية في الميراث، فمن الواضح أن المبادرة الرئاسية في هذا الموضوع (على شاكلة المبادرة الخاصة بالمصالحة الاقتصادية) تمثل عاملا اضافيا لتقسيم المواطنين في مسالة حساسة سبقتها محاولات (على عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) للاخلال بنظام الميراث القانوني التي يتبنى بالكامل نظام الارث الاسلامي.
وإضافة لذلك يبدو من بعض مقاطع الخطاب ان الرئيس (او من اوحى له بذلك) ربما لم يتصور (رغم ما يفترض لديه من علم) ان المساس من انسجام نظام الارث الاسلامي وخصوصا اسقاط قاعدة التفاوت بين نصيب الذكر والانثى (تطبيقا لقوله تعالى “يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ”) سيؤدي بالضرورة الى “هدم” التكامل في بناء ذلك النظام وفتح الباب لتعويض “المواريث الشرعية” بغيرها من الانظمة التي لا ترتبط بتاريخ البلاد او اعرافها او دينها او ممارستها.
واصدقكم القول (وانا ادعي اختصاصا في قانون الارث) اني لم اسمع طول حياتي من يقول ان “موضوع الارث هو من امور البشر التي تركها الله سبحانه وتعالى ورسوله الاكرم لاجتهاد العباد..” او “ان المراة لم تكن ترث اباها مباشرة… !”. فهل كان الرئيس يعي حقا ما يقول ؟ او هو يقول ما يمكن ان يفهم ؟.
وفي هذا الخصوص يشار -لمن لا يعلم- ان الارث بالذات يمثل استثناء بارزا للاجتهاد (لا مساغ للاجتهاد في مورد النص) وان المرأة لم تحرم ولا تحرم ابدا من إرث ابيها ! فهل يكون بعد ذلك من علم “لمن يهرف بما لا يعرف” ؟!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock