تدوينات تونسية

العائدون من بلاد الموت: بماذا عادوا إلينا ؟

صالح التيزاوي
قال أحدهم: حظينا بزيارة “أغلى الرّجال” زعيم العروبة وأمينها. تنقّلنا في أرجاء الوطن “المحرّر” دون حماية من القوّات الغازية فالوطن محميّ بقواته الوطنيّة والزّعيم هو صاحب القرار على أرضه. ليس كسائر الحكّام العرب. لا قواعد عسكريّة أجنبيّة ولا مليشيات، فهو وحده من يحدّد مناطق خفض التّوتّر من عدمه وليس “ترامب” أو “بوتين”. لا تنزعجوا فالسيادة كاملة غير منقوصة، والعداء للإمبرياليّة لا غبار عليه.
هالنا حجم الخراب: لم يبق في أرض الشّام حجر على حجر؛ بدا المشهد حزينا بلون الدّم ورائحة الموت سألناه: يا زعيم ما هذا الخراب؟ أطلق زفرة خلناها برميلا تفجّر فوق رؤوسنا: أرأيتم أيّها الرّفاق: ما فعل “أعداء الوطن” ؟ لقد استغلّوا انشغالنا بـ “رصّ الصّفوف” استعدادا لـ “معركة التّحرير”، وفاجؤونا ببراميلهم المتفجّرة، وبغازاتهم السّامّة، تقذفنا بالموت من كلّ جانب. ولكن لا بأس علينا، فسلميتنا أقوى من “وحشيتهم”. وهم شرذمة قليلون في حماة وفي حمص وفي حلب وفي ريف دمشق وفي إدلب وفي تدمر وفي عرسال وفي حمص، قد نضطر إلى قتل ثلث شعبنا وتهجير الثّلث الثّاني، من أجل أن يكون “الثّلث التّقدّميّ” في طريق مفتوح إلى الوحدة وإلى الإشتراكيّة العربيّتين. أيّها الرّفاق لولا “المؤامرة الإمبرياليّة والصّهيونيّة” لكنتم اليوم ضيوفا على الجولان المحرّر. لقد كنت على وشك الخروج… لم يكتف “العملاء” بذلك، بل استعانوا على قتل شعبنا بأقوام آخرين. لقد استعانوا علينا بأكثر الجيوش وحشيّة وأكثر المليشيات دمويّة.
قال العائد من بلاد الموت: ماذا يريد هؤلاء “الأعداء” يازعيم؟ إنّهم يريدون النّيل من ديمقراطيتنا العريقة التي أرسى معالمها والدي، ويريدون تكميم أفواهنا. وكما تعرفون نحن في ثقافتنا القوميّة لا نساوم على الحرّية لانّها أصيلة في فكرنا ولا نؤمن بالإنقلابات العسكريّة. إنّهم قوم يعادون حقوق الإنسان ويريدون تغيير “نمطنا المجتمعي” الذي ورثته عن والدي. وانا بموجب الدّستور الذي لم يفصّل على قياسي، مؤتمن علي مكاسب الوطن في الحرّية. فأنا لمن لا يعرف، جئت إلى الحكم بانتخابات حرّة ونزيهة، تماما مثل والدي. لهذا السّبب شبّيحتي يرفعون شعارهم “الأسد إلى الأبد” ليس من منطلق طائفي، وإنّما من منطلق قومي خالص.
قال العائد من بلاد الأحزان: لم أدر كيف ارتميت على الزّعيم أقبّل يديه وحذاءه من “قرط” إعجابي بحكمته وببعد نظره ودقّة تحليله. قد قبّلت كثيرا من الأيدي منذ نعومة أظافري، فلم أجد
أطيب من يد الزّعيم الممانع. للّه ما أطيبها من يد، ينبعث منها “عبير المسك والهيل”، لأنّها لم تتلطّخ بدماء الأبرياء، ولأنها يد لم تصافح الغزاة، ولم تفتح أمامهم حدود الوطن، يد حانية تمسح دموع اليتامى وتواسي الثّكالى وتؤوي المشرّدين من ضحايا “المؤامرة الإمبرياليّة” على شعبنا.
قال الرّاوي، العائد من بقايا وطن: وحتى لا نحرم شعب تونس من شرف الّلقاء بزعيم الامّة وبطل معارك تحريرها، فقد جئناكم بشعرات للزّعيم وبشسع نعله الذي كان ينتعله وهو يصول ويجول قائدا مظفّرا لمعارك التّحرير.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock