تدوينات تونسية

القرارات الإرتجاليّة ليوسف الشاهد تضر الإقتصاد والماليّة في تونس..!!

عبد اللّطيف درباله
سيكتشف التونسيّون بعد وقت (قد لا يطول) أنّ التصرّفات والقرارات الارتجاليّة والاعتباطيّة وغير المدروسة التي قام بها رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمجموعة التي معه في ما يسمّى “الحرب على الفساد” كانت لها آثارا سيّئة بل وكارثيّة على الاقتصاد والماليّة في تونس..!!
فنتيجة للّجوء إلى إيقاف رجال أعمال أو تجّار خارج نطاق القضاء.. وبمقتضى إجراءات أحاديّة سلطويّة واستثنائيّة اعتمادا على قانون الطوارئ الاستثنائيّ المفتقد للضمانات العادلة.. ونتيجة خاصّة لمصادرة أملاك الناس بجرّة قلم فورا وبمجرّد قرار إداري من الحكومة.. سيعمل آلاف التجّار ورجال الأعمال.. سواء كانوا ينشطون في التجارة الموازية أو المنظّمة.. إلى سحب أموالهم من البنوك.. وإلى التوقّف عن إيداع أموالهم وأرباحهم ومدّخراتهم في المؤسّسات المالية الرسميّة.. وهو ما سيعني تراجعا حادّا في المدخّرات الماليّة لدى البنوك والتي هي أصلا أساس العمل المصرفي الذي يقوم على إدارة الأموال بين مُودِعٍ ومقترض..!!!
خوف التجّار من أن تشملهم يوما هذه القرارات الفجئيّة والاعتباطيّة بمصادرة كلّ أملاكهم.. والتي لا تقوم على بحث دقيق وتأنّ وتمحيص وطرق قانونيّة وقضائيّة يمتلكون فيها الضمانات الدستوريّة وحقّ المواجهة والدفاع والطعن.. سيؤدّي في النهاية إلى تنشيط تهريب الأموال السائلة إلى خارج تونس حيث الملاذات الآمنة العديدة.. وإلى شراء العقّارات والأملاك في دول أجنبية أخرى غير تونس كطريقة لحفظ واستثمار وتنمية الأرباح والأموال السائلة الزائدة عن الحاجة للتداول لدى التجّار..
وحتّى رجال الأعمال الذين ينشطون بطريقة قانونية وشرعيّة ستتملّكهم الهواجس من أن يطالهم يوما ما إجراء بمصادرة أملاكهم بمجرّد قرار من حكومة جديدة قد تأتي مستقبلا في أيّ وقت.. وتكون مثلا معادية لاتّجاهاتهم السياسية أو الايديولوجيّة.. أو من حكومة هي نفسها فاسدة أو متعسّفة أو ظالمة.. ممّا سيجعلهم هم أيضا يفكّرون بدورهم في تأمين جزء من ثرواتهم الضخمة خارج حدود الوطن.. تحسّبا وتأمينا لأنفسهم وزيادة في الاطمئنان.. (“على ما يحدث” كما يقال!!)..
وهو ما سيعني عمليّا زيادة الطلب على العملة الصعبة في السوق السوداء.. وثقوبا سوداء هائلة في المنظومة الماليّة الوطنيّة.. وإلى تزايد قيمة العملات الأجنبيّة مقابل الدينار التونسي.. وبالتالي انحدار قيمة الدينار وزيادة غلاء الأسعار في تونس ونقص القدرة التنافسيّة للقطاعات المصدّرة القائمة على المواد الأولية المستوردة من الخارج.. وإلى تراجع وضعف عائدات السياحة.. وغيرها من الأضرار الأخرى..
لا يعني ذلك أنّه لا يجب محاربة الفساد والتجارة الموازية والتهريب.. ولا يعني عدم ضرورة تتبّع ومعاقبة المهرّبين والفاسدين والمتلاعبين بالاقتصاد الوطني.. ولكن يجب أن تتمّ معالجة الموضوع بحكمة وذكاء ونجاعة.. فلا يصيب البلد على العكس شرّ من مكافحة الخارجين عن القانون..
أحيانا فإنّ الطبيب عديم الكفاءة والخبرة والفطنة.. والذي قد لا يستعمل الأدوات والأدوية وطرق العلاج المناسبة.. قد يقضي على المريض وهو يحاول إستئصال الداء من جسده..!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock