تدوينات تونسية

فكُّ الارتباطِ ما بين النّقابةِ والأحزابِ من صِلاتٍ

فوزي الطلحاوي
لعلّ المجال يسمح لتقييم أداء ممثلينا النّقابيين، في الوقت الذي أثارت زيارة كاتب عام نقابة التّعليم الثانوي قاطرة النّقابات في تونس مع وفد من الاتحاد العام التونسيّ للشغل النظام السوري الذي تقطع معه الحكومة التونسيّة العلاقات، غبارا كثيرا، خاصّة وأنّ الزيارة كانت بصفته النقابيّة لا بصفته الحزبيّة او الفكريّة، وهو قرار لم يكن ولن يكون محلّ إجماع نقابي، بينما يسهل أن يكون محلّ إجماع حزبيّ وسياسيّ.
وبما أنّ الانتخابات النقابية تنبني، كما هو بديهيّ ومعلوم، على وعود مهنيّة اجتماعيّة صرفة، فالممثّل النّقابيّ يجب أن يضع صوب عينيه محدوديّة تمثيليته، عدا ذلك فالأساتذة، ليسوا جسما او كتلة فكريّة وايديولوجية او سياسيّة متجانسة، فمنهم قياديون في احزاب ومفكّرون كبار وفنانون وشعراء وفلاسفة ومخترعون مستكشفون ووو… فمن باب المعقول أنّهم لنْ يرهنوا قرارهم الوجوديّ والثقافي وحتّى السياسيّ للكاتب العام للنقابة، مهما كان الإجماع حول شخصه، ليتصرّف فيه كما يشاء وقتما يشاء حيثما يشاء، علما وانّ نقيبنا المحترم متعثّر، وهو الأستاذ، عن كتابة نصّ موجز في موضوع معيّن بلغة من اللّغات الحيّة كتابة سليمة، وهذا موثّق في بيانات النقابة التي يصوغها هو نفسه…
طرحنا، سابقا ومازلنا، قضيّة النظام الانتخابيّ والقوائم الانتخابيّة، مواكبة للتحوّلات وتساوقا مع القوانين التونسيّة المستجدّة، ولكن للأسف فمن ينادي بالتّناصف حزبيّا ومناكفة سياسيّة لا يطالب بها نقابيّا، ولكم أن تحصوا نسبة حضور المرأة في النّقابات، ولكم أن تلاحظوا رجعيّة بعض القوانين واللوائح النقابيّة النافذة، ولكم أن تتتبّعوا تجاوز القوانين من قبل المؤتمنين عليها من الزعامات النقابيّة، ولكم ان تقفوا، بكلّ يسر، على تداخل النقابيّ والحزبيّ الايديولوجي في منظماتنا النقابيّة… إنّ ارتهان النقابة الحزبيّ مؤذن بتراجعها في ظلّ الحريّة الموجودة والديمقراطيّة المنشودة…
لقد طالبنا بعد الثورة بفكّ الارتباط والاشتباك بين النقابة والحزب، إلاّ أنّ قسما من النّاشطين النّقابيين المتحزّبين، رفضوا ذلك رفضا قطعيّا، وأفسدوا العمل النقابيّ وأثخنوا فيه، مستغلّين خبرتهم النقابيّة بخيوط القرار داخل دوائرها وبضعف التكوين النقابيّ لدى غالبيّة الزملاء والزميلات وعزوفهم على الخوض فيه وزهدهم فيه ليسيطروا على النقابات وليمرّروا رؤاهم وليفرضوها فرضا وإكراها…
لقد طالبنا بتحييد العمل النّقابي عن كلّ نشاط حزبيّ واقترحنا استقالة المترشّح لتحمّل اعباء نقابيّة من الحزب وان توضع شروط صارمة تفكّ ذلك الارتباط، ولكنّ الشقّ “اليساريّ واليمينيّ والقوميّ” استمات في الرّفض، ولم يكتف بذلك بل انبرى رموزه يستغلّون المواقع النقابية وصفحاتها لتصفية حسابات سياسويّة ايديولوجيّة ضيّقة أكثرها تافهة.
ختاما، ليس أمام المنظمة الشغيلة، إذا رامت الوحدة والاستمرار، سوى تغيير شروط البقاء، ومن اهمّ شروطه تحيين الاستراتيجيات والأهداف والتنظيم، فآليات التعامل مع الحزب الواحد والرّأي الواحد ولّت وانتهت، فإمّا اللحاق بالواقع الجديد وإمّا “على أهلها جنت براقش” وإمّا التعدديّة الحقيقيّة داخل منظمة حشاد وإمّا “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock