تدوينات تونسية

القضاء على العنف ضد المرأة

مالك بن عمر
قانون جديد وحماية متجددة ومشدّدة
تجدر الإشارة بداية إلى انه بالرغم من أن القانون الأساسي الجديد المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، يهمّ حماية المرأة وذلك حسب عنوانه، فإن المشرّع، وفي عدّة مواضع من هذا القانون، وسّع هذه الحماية لتشمل الطفل وذلك بالترفيع في عقوبات العديد من الجرائم المرتكبة من عنف وهتك أعراض بالفاحشة أو الاغتصاب كلما كانت الضحية طفلا. كذلك الأمر في ما يتعلق يجرائم العنف، حيث شملت الحماية أيضا الشهود والمتضررين والقائمين بالحق الشخصي.
أمّا عن مواطن التجديد في هذا القانون فيمكن ان تتلخص في ستّة نقاط مهمة :
أولا : إبطال المفعول التوقيفي للمحاكمة أو التتبع أو تنفيذ العقوبات لإسقاط الحق في التتبع في جرائم العنف التي يكون ضحيتها السلف أو القرين. وقد كان الفصل 218 القديم من المجلة الجزائية ينص على أن مجرد إسقاط السلف أو الزوج المعتدى عليه حقه يوقف التتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب. ويبقى هذا التجديد مهمّا ليقلّص من ظاهرة العنف داخل العائلة.
ثانيا : الترفيع في عقوبة التحرش الجنسي من السجن لمدة عام واحد وألفي دينار خطية إلى عامين وخمسة آلاف دينار كخطية.
ثالثا : في الفصل 227 جديد تدارك المشرع نقائص النص القديم ليضيف الإمكانية أن يكون الذكر ضحية للاغتصاب. ومن جهة أخرى، تخلى المشرع عن عقوبة الإعدام بالنسبة لجريمة الاغتصاب المرتكبة في إطار ظروف التشديد (كاستعمال السلاح وغيرها) بعقوبة السجن بقية العمر. وفي نفس الإطار نزل بالعقوبة من السجن بقية العمر إلى عشرين عاما في باقي حالات الاغتصاب.
رابعا : كان الفصل 227 مكرر قديم يعاقب بخمس سنوات سجنا كل من واقع فتاة برضاها فوق الخمسة عشر عاما ودون العشرين عاما. الفصل 227 مكرر جديد حافظ على نفس العقوبة مع الترفيع في السن الأدنى ليصبح ستة عشر عاما والتقليص من السن القصوى إلى ثمانية عشر عاما. وهو تجديد أكثر تناغما مع واقع المجتمع اليوم.
خامسا : إحداث جرائم جديدة كجريمة التمييز الاقتصادي بسبب الجنس وجريمة مضايقة إمرأة في فضاء عمومي بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تنال من كرامتها أو اعتبارها أو تخدش حياءها وعقوبتها الخطية المالية.
سادسا : إحداث فضاءات خاصة بالمحاكم الابتدائية تختص بالنظر في قضايا العنف ضد المرأة، وكذلك إحداث وحدات أمنية مختصة بالبحث في ذات الموضوع.
في المحصّلة، فإن هذا القانون الجديد رغم معالجته الجدية للعديد من ظواهر العنف المسلّط ضد المرأة في مجتمعنا، فإنه قد سقط في الإسهاب في عدّة مواضع، هذا إلى جانب تشريع جرائم جديدة يبقى مضمونها فضفاضا و غير قابل للإثبات.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock