مقالات

لبناء دولة بحجم الجمهورية الحلم التي طالما تغنى بها السياسيون

ليلى الهيشري
على كل رجل اعمال تونسي ان يعيد ماله المهرب ليستثمره في تونس، على كل سياسي ان يتنازل عن صولاته وجولاته الاعلامية لمجرد الظهور ويكتفي بالعمل في اطار حزبه عبر خلق برنامج سياسي منطقي بعيدا عن التشنجات الايديولوجية والافكار الراديكالية القديمة والمهترئة.
لبناء دولة المؤسسات، يجب اعادة النظر في مؤسسات الدولة التي منت علينا فرنسا ببعض منها او بأغلبها، ولم نقم سوى بضمان استمراريتها دون العمل على وضع خطط حقيقية لاستحداثها او وضع البدائل المتماشية مع التغيرات السريعة في الواقع المعاش سياسيا اقتصاديا ماليا واجتماعيا.
 لبناء دولة قوية من اولويات الحكومة تحديث المؤسساة العسكرية وعدم الاكتفاء بالهدايا والعطايا والصدقات المتأتية من هذا وذاك واعادة تأطير الكوادر وتوفير الآليات الحديثة المستوجبة في حماية الحدود البرية والبحرية مبدئيا.
 وبالحديث عن الاقتصاد التونسي، فمن الواضح للرأي العام وحسب المؤشرات المعلنة من مصادر حكومية وغير حكومية، فهو يشكو شحا في عملية التصنيع ولازلنا بعد 7 سنوات نعيش على وطأة الاقتصاد الجامد والمعوق في غياب مبادرات حقيقية ودعم حكومي، نضطر الى الانغماس في اعماق المديونية ومنطق التوريد الذي زاد من حاجتنا الى القروض الدولية.
 أما فيما يتعلق بالدولة ومؤسساتها الحيوية، فقد تحولت الادارات التونسية الماسكة بزمام الحكومة الى مجرد موزع لوثائق ادارية يحتاجها المواطن في قضاء شؤونه، وعليه اصبحت تشكل عبئا اضافيا للدولة التي تحاول كل سنة البحث عن السبل الكفيلة بتسديد ديون الموظفين خاصة مع غياب مداخيل تغطي هذه الاعتمادات المرصودة لأجور الموظفين والعملة المنخرطين في منظومة الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية.
 هذا وقد اكتفت السياسة الخارجية التونسية ببعض العلاقات العمودية التي تكون فيها تونس دائما الطرف الضعيف والمحتاج اما في المجال الاقتصادي عبر اتفاقيات تبادل اقتصادي غير متكافئة او عبر اتفاقيات عسكرية لا تخدم المصالح التونسية بل تخدم مؤسسات استخباراتية اجنبية تسعى لحماية مصالحها عبر ابرام صكوك توأمة عسكرية لضمان مركز جمع معلومات استخباراتية كما هو الشأن في مناطق المغرب العربي او عبر تشييد قوعد عسكرية كما هو الشأن في قطر وموريطانيا.
ولكن حتى لا نظلم من سبق ممن ساهم عبر التاريخ في تشييد الجمهورية الاولى، نقول اننا ممتنون لمناظلينا من سياسيين وحقوقيين وفلاقة ونساء شاركوا جميعا في اخراج تونس من براثن الاستعمار، ولكن يجب علينا طرح ذلك التساءل المشروع: هل سيطول انتظارنا للخروج من اطلال القديم المتداعي بضربات المديونية والفقر والتجهيل الممنهج وبناء المستقبل المشرق بشمس الجمهورية الثانية الحقيقية واقعا وقانونا.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock