تدوينات تونسية

يخطئ من حاول أن يستنقص من شأن الآخرين

عبد اللطيف علوي
رياض الشّعيبي ليس بيني وبينه سابق معرفة، سلّمت عليه مرّة أو مرّتين بشكل عابر، ولا أخفي احترامي لشخصه كسياسيّ وكمثقّف، ولمّا دعيت إلى مؤتمر البناء الأوّل حضرت بكلّ امتنان لأنّني أستبشر خيرا بكلّ مولود سياسيّ من رحم الثّورة. أكثر من ذلك أنا نقدت كثيرا بعض النّهضويين الّذين استهدفوه لمجرّد خروجه من الحركة، مثلما استهدفوا الجبالي من قبله، على أساس أنّ من يخرج منها مفقود ولا مستقبل له…
أقول هذا الكلام لكي لا يزايد عليّ أحد (واللّي عندو حجرة يحطّها).. 
مع ذلك أنا أتمنّى أن ينتبه إلى أشياء في غاية الأهمّيّة:
أوّلا: الغنّوشي ليس إلها ولا نصف إله ولا شبه إله، ومن حقّك كما من حقّ غيرك أن ينقده، ولكن هل ترى أنّه يليق بك، وأنت الّذي كنت مديرا لمكتبه أن تستعمل في نقده عبارات من نوع: “الغطرسة التي وصلها الغنوشي” و “تحويل وقاحته الى حكمة” وغير ذلك ممّا لا يليق..

ثانيا: أنت أنت لم تكبر فجأة بعد 45 سنة، أنت عشت معه كظلّه وإذا صدّقنا ما ذكرت في مقالك أنّ الغنّوشي كان قد كفّر بورقيبة، فلماذا تذكر هذا الآن ولم تذكره ولم تتّخذ موقفا حينها؟ لم تكن حينها صغيرا إلى الحدّ الّذي لا يسمح لك بالتّمييز، ولا أظنّ ريح الحداثة قد ضربتك فجأة مثل الـ courant d’air عندما خلعت الأبواب وخرجت خارج مونبليزير؟ أم إنّك كنت تتبنّى تكفيره لبورقيبة وصمتّ على ذلك، واليوم صارت المصلحة الحزبية تسير في غير ذلك الاتّجاه… وإذا كان الغنّوشي يكفّر بورقيبة وأنت صامت وموافق وتشتغل معه، واليوم تهاجمه لأنّه غيّر موقفه 180 درجة، فهل يعني ذلك أنّه هو لم يعد يكفّر بورقيبة في حين أنّك مازلت على عهدك القديم…
ثالثا: استقالة أيّ إنسان من أيّ حزب هي حقّ مشروع ما في ذلك شكّ، ولكنّه يخطئ كثيرا إذا حاول أن يصوّر لنا الأمر على أنّه بطولة (مثلما تحاول كثيرا أن تفعل)، ويخطئ أكثر إذا حاول أن يستنقص من شأن الآخرين لأنّهم لم يكونوا أبطالا مثله، ولم يستقيلوا وإلاّ فما معنى:
“باهي اذا كان قال مستعدين تستقيلوا من النهضة أو تثورون ضده؟”
خلّيها تجي من غيرك يا رجل، بَلاَش إنتَ (كما يقولوا المصاروة)…

الّذين حاولوا أن يبنوا وجودهم السياسي على أساس الضّدّية للنهضة خسروا جميعا ولم يربح الوطن شيئا…
ومن يبحث عن قاعدة شعبية لحزبه في فتات الأحزاب الأخرى، لن يكون له مستقبل، فاحذر أن تسقط فيما سقط فيه غيرك، واحفظ قول الشّنفرى هداك الله:
“وفي الأرض مَنْأىً، للكريم، عن الأذى ++++ وفيها، لمن خاف القِلى، مُتعزَّلُ”

وأخيرا، لو تمعّنت في هذا الكلام جيّدا، فستجده دفاعا عنك، عن شخص أحترمه وليس دفاعا عن الغنوشي أو النّهضة…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock