تدوينات تونسية

عن محنة “كافون”

عبد اللطيف علوي
وأنا أقرأ بعض التّعليقات عن محنة “كافون”، ذهلت وصدمت…
رجل بين الحياة والموت، بترت ساقه، مأساة إنسانيّة موجعة وقاتلة، 
والنّاس، بعض النّاس… يشمتون ويدعون عليه بالمحق والفناء… بحجّة ماذا؟؟ بحجّة أنّه أفسد الفنّ…
عن أيّ فنّ تتحدّثون؟؟ وهل الفنّ غير الرّحمة؟ وهل الفنّ أولى من الإنسانيّة؟
عن أيّ فنّ تتحدّثون وأنتم تشمتون في بشر مثلكم طوّحت به الدّنيا ثمّ قصمت ظهره؟؟ عن أيّ فنّ؟ ألا لعنة الله على الفنّ إذا لم يجعلك تدرك روح الله وروح الإنسان فيك؟
ثمّ إنّي أسألكم…
ماذا تعرفون عن الحياة الّتي عاشها كافون وخلقت منه ذلك الّذي تكرهون؟
الناس في الأحياء الفقيرة يولدون يتامى حتّى ولو كان لهم آباء وأمّهات… الفقر يتم والجهل يتم والحاجة يتم…
كثيرون غيره خلقت منهم بيئتهم مجرمين وقتلة ولصوصا وشواذّ ومصّاصي دماء…
هو على الأقلّ جاءت بليّته في الموسيقى والأغاني الهابطة التي تقولون إنّها أفسدت أذواقكم، فهل تساءلتم ما هي المدرسة التي تخرّج منها كي تحكموا عليه بتلك القسوة؟؟
هل هو مفكّر كي نقيّمه فكريّا وفلسفيّا؟؟
كافون في نظريّ ضحيّة، قبل أن يكون مفسدا… من نشأ نشأته لا تنتظر منه أن يغني لك الأطلال ورباعيات الخيّام…
المجتمع المجرم، يخلق كلّ يوم ألف كافون، يمجّده ويرفعه، ثمّ حين يسقط بنقلب عليه ويذبحه…
اللّهمّ إنّه عبدك، ونحن عبادك، وأنت بنا عليم رحيم…
اللّهمّ أدعوك بكلّ اسم هو لك، أن تشفيه من مرضه وتشفينا من عقدنا وأوهامنا وحقدنا وقسوتنا على النّاس…
يا أرحم الرّاحمين… أنت السّميع المجيب.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock