تدوينات تونسية

ندوة الدراسات القرآنية بحراسة أمنية مشددة

زيـاد المـاي

حول جدل ندوة الدراسات القرآنية في بيت الحكمة
الأسبوع الفارط كانت لي فرصة الدخول للندوة المغلقة (شبه السرية) التي عقدت في بيت الحكمة بحراسة أمنية مشددة، وهي بعنوان الدراسات القرآنية: المنهج والسياق والآفاق،
كانت فرصة للتعرف على كبار المستشرقين المختصين في القرآن وكان أغلبهم لا يتقن العربية مشافهة بخلاف ما ظننت.
أغلب المداخلات غايتها المعلنة والضمنية هي أن القرآن هو كتاب متداخل كُتب مؤخرا وهو يضم أساطير الأولين مع شك كبير في ترتيب آياته وسوره التي وضعت بطريقة دكتاتورية على يد بعض الصحابة…

انتظرنا عرض نتائج أبحاث مخطوطات صنعاء التي أثرت خيال المستشرقين وتلاميذهم العرب لسنين عندما قالوا أنها أول دليل مادي على تدليس المصحف العثماني كانت النتيجة أن قرآن صنعاء مخطوطة غير أصلية بل كتابا معدم مليء بالأخطاء في النسخ ومن عادة اليمنيين أن النسخ الخاطئة توضع في أعمدة المساجد ولا تحرق إجلالا لكلام الله لكن عندما وجدت هذه المخطوطة أثناء ترميم مسجد يمني ظنوا دراميا أنها ستكون نهاية النهايات للمصحف العثماني الذي بدوره بالنسبة للمسلمين هو عرضيٌّ لأن حفظ القرآن أساسا كان متواترا جمعا عن جمع في الصدور بل يذهب أستاذنا جعيط والطالبي إلى أنه كُتب زمن النبوة ولهم دلائل كبيرة لم تلحظها جاكلين الشابي تلميذة جعيط وواصلت تعنتها المعتاد.

في الحقيقة لم نستفد من دراسات هؤلاء لا منهجيا ولا معرفيا فهي بحوث إما جنيالوجية ظنية أو مجرد ربط ولي لأعناق النصوص لتتوافق مع فرضيات استشراق القرن الثامن عشر بل حتى مقاربات غولدزيهر و هنري كوربان و ماسينيون… رغم تهافتها باتت رجعية عند هؤلاء المصرين على حقيقة واحدة سخروا لها كل أموالهم وأدواتهم وهي أن القرآن وليد بيئة صحراوية ونبيّه عبقري بل دون ذلك هو قائد ثورة قبلية سياسية.
كانت مداخلتي على بعض المحاضرات باللغة العربية لأنني لم أتقن بعد الكلام جيدا بالانجليزية لكن أحلت هؤلاء على راهن الدراسات القرآنية في الجامعات الكبرى خاصة الأنجلوسكسونية التي ماعادت تُعنى بالجانب الجنيالوجي المادي كما هو الحال مع مباحث علم الأديان وتاريخها في القرن الثامن عشر بل صارت تدور عن الدراسات التداولية أي دراسة القرآن بما هو كتاب مقدس عند المؤمنين به ودراسة أثره العقدي والسلوكي والمعرفي خاصة بمنحاه الثقافي، هذا في اعتقادي المفيد لنا أما البحث المحموم في الشاذ من الأحاديث والأقوال والحفر المحموم في المخطوطات المعدمة والمتروكة فهذا لم يعد مغريا ولا مجديا ولا مفيدا حتى أنه طيلة سنين الإستشراق بأقطابه الثلاثة الألماني والفرنسي والبريطاني يعمل دون جدوى لدحض المصحف العثماني وقرآن المسلمين الذي بين أيديهم.
وفي المقابل تخللت الندوة التي تواصلت مدة ثلاثة أيام بعض المقاربات المهمة والحديثة والناجعة كمقاربة الداخل الثقافي في تفسير القرآن الكريم لأستاذنا احميدة النيفر وأبو يعرب المرزوقي ومقداد عرفة منسية ومحمد بوهلال وماسيمو كابانيني وميشال كيبرس… وغيرهم القليل الذين وجهو ببعض من السخرية من بعض الوجوه التي تدعي التنوير والحرية وهي تسخر من المحاضرين المختلفين همسا ولمزا.
وتم منع أساتذة جامعيين بطريقة تعسفية بدعوى عدم حصولهم على دعوات وكأن صفة أستاذ جامعي لا تخول له أن يحضر هذه الندوة “إل جابت الصيد من وذنو”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock