تدوينات تونسية

الدولة العميقة تواصل ممارسة حماقاتها القديمة

كمال الشارني
أنا لا أعرف المواطن لسعد البوعزيزي ولم أتشرف بلقائه ولا أظن أنه يعرفني، لكن ما ثبت لدي، في إطار عملي الصحفي حول ظروف استدعائه يتظافر كله لكي يؤكد أن العملية يمكن اختزالها في معركة “الثورة والثورة المضادة” بالفهم البسيط البدائي.
أن يتم استدعاؤه من القيروان إلى العاصمة هو تنكيل في حد ذاته، يذكرنا بسلوكيات محكمة “الدريبة” في عهد الاستعمار عندما كانت تجرجر الناس إلى المركز حيث العملية العدلية مضمونة لهم، كما لو أن القضاء في القيروان عاجز عن النظر في مثل هذه القضايا، بعض مصادري تؤكد لي: “هذا لأن الدولة العميقة تواصل ممارسة حماقاتها القديمة”.
أتخيل عبثا، لو أني لساعات وكيل جمهورية في القيروان، ويصل إلى علمي أن مواطنا تحت سلطتي القضائية قد دعي إلى تونس بموضوع غامض، فسأدعوه إلى الاعتصام بمكتب النيابة العمومية تحت حماية السلطة العليا للقضاء: لن تمروا له إلا على جثتي حتى تقدموا لي ما يبرر أن أتخلى لكم عن حرية مواطن تحت حمايتي لمساءلته في تونس، وسأدعو زملائي من مساعدي النيابة إلى حمايته من “تونس” وجماعة تونس إلى أن يثبتوا لنا مبرر دعوته للبحث في تونس الغامضة، العصية على منطق القانون، وأن يقدموا لنا ضمانات قانونية أساسية.
الحرية مبدأ عام غير قابل للاستثناء إلا في حالات نادرة ينص عليها القانون، وليس في أي منها شيء في حالة المواطن لسعد البوعزيزي، سوى استمرار الدولة العميقة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock