تدوينات تونسية

كوميديا سوداء، مرحبا بكم في ضيعة محروس

عبد اللطيف علوي
ما سأكتبه الآن ليس نكتة، أو لنقل إنّها نكتة واقعيّة سمجة من المسرح السياسي التونسيّ، الّذي صار يعجّ بكمّ هائل من التّهريج يفوق كلّ ما حفظناه من النّكات اللّطيفة والقبيحة على حدّ السّواء، بطلها النائب المحترم فيصل التبيني، لكنّني سأستسمحكم أن تصبروا عليها إلى آخر المقال.
منطقة البراهمي التّابعة لمعتمدية بوسالم من ولاية جندوبة، منطقة فلاحية، يعتاش أهلها على الزراعات السّقويّة، وفي هذا الفصل بالتّحديد، الفلاّحون يحتاجون إلى الماء لسقي الطّماطم والدّلاّع واللّفت السّكّريّ والزراعات العلفية…
وزارة الفلاحة، ممثلة في المندوبية الجهوية تقوم بقطع الماء عن الفلاّحين لفترات طويلة دون أيّة مراعاة لأرزاق الفلاّحين، ممّا سبّب أضرارا مباشرة بالمزروعات يفوق تقديرها حسب الفلاحين 70 بالمائة من مجمل المساحة المزروعة…
إضافة إلى ذلك، هناك عدد كبير من العمّال وخاصّة العاملات في هذا القطاع، وجدوا أنفسهم خارج الخدمة، لأنّ الدّولة لم تجد حلاّ لمشكلتهم سوى قطع الماء عن الفلاّحين بحجّة الاقتصاد في المخزون المائيّ لهذه السنة، الذي نعرف جميعا أنّه ضعيف، لكنّ التّصرّف في اقتصاد الأزمات لا يكون بتجويع النّاس وتعطيل الإنتاج، العقول الحلزونية الباركة هي التي تذهب مباشرة إلى مثل هذه الحلول السهلة المدمّرة لحقوق النّاس…
أكثر من ذلك، الفلاّحون -الّذين يئسوا من أية استجابة من سلطة الإشراف، قاموا بحركتين احتجاجيتين تمثّلتا في قطع الطّريق الرابط بين بوسالم وجندوبة عبر بلاّريجيا، وقطع السّكّة الحديديّة- هؤلاء الفلاّحون يؤكّدون أنّ أكثر من 20 مليون متر مكعب من المياه، تخرج من سدّ بوهرتمة، لكنّهم لا يعرفون أين تذهب؟
الدولة يهمّها أن تصل مياه الشّمال إلى المسابح الكبرى وإلى ملاعب الغولف وإلى الملاّكة الأصليين حيثما كانوا (كي لا أتّهم بإثارة النعرات الجهوية) ولكنها لا يهمّها أن يضرب الإنتاج الفلاحيّ ويجوع سكّان تلك المناطق المنسيّة أصلا منذ عهد زعيمهم الأوّل…

نأتي الآن إلى النّكتة…
السّيد النائب فيصل التبيني، حضر للتّفاوض مع المحتجّين، بصفته نائبا عن تلك الجهة، يوم قاموا بالتّحرّك الأوّل وقطعوا الطّريق…
المحتجّون أخبروه أنّهم يريدون حلاّ جذريّا مع الجهة المسؤولة الأولى التي هي وزارة الفلاحة، وطلبوا منه أن يتّصل بوزير الفلاحة سمير بالطّيّب ويطلب حضوره للاستماع إليهم وحلّ الإشكاليّة…

هل تعرفون ماذا كان ردّه؟؟
ــ ” ما نكلّمهوش… على خاطر أمّي ماتت وما عزّانيش فيها !!!
نعم أيّها السّادة…
مرحبا بكم في ضيعة محروس، وزير فلاحة مازال يشتغل بعقليّة خدّم الفلاحة من البيرو…
ونائب شعب ينتخب من أجل قضيّة الأمّة، فينشغل بقضيّة أمّهِ
رحمها الله وغفر لها وأكرم مثواها.

ــــــــــــــــــــ
أرجو من الجميع النّشر على أوسع نطاق، علّ النّائم يستيقظ !

وزير الفلاحة سمير بالطّيّب والنائب فيصل التبيني

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock