تدوينات تونسية

لكم وطنيتكم ولي وطنيتي !

سليم بن حميدان
قدّمتُ يوما قناة الجزيرة على ما يسمّى بالتلفزة الوطنية في الإدلاء بتصريح لما كنت عضوا في حكومة الترويكا الأولى… وكان ذلك على هامش ندوة لمكافحة الفساد فأقام علي إعلام العار الدنيا ولم يقعدها وكان جزائي هو فيتو متوارث ضدي من المخلوعة بحرون إلى المخلوع الأخير فلم تطأ أقدامي يوما هذه المؤسسة “الوطنية جدا” رفضا منهم لا مقاطعة مني !
كنت ولا أزال أعتقد أن الوطنية كما الديمقراطية ليست “ماركة” مسجلة ينسبها شخص أو مؤسسة إلى نفسه بل هي قيمة أخلاقية سامية وممارسة تحررية في الواقع.
بكل صراحة وتجرد من أي ولاء إلا للثورة كما آمنت بها وللوطنية كما أعتنقها، فإنني أعتبر الجزيرة حاضنة الربيع العربي وقلعة اعلامية لتحرير الشعوب ونصرة القضايا العادلة وملاذ كل التونسيين سواء من المعارضين لحكم المخلوع أو من عموم شعبنا المضطهد لما كانت التلفزة أو الماركة “الوطنية” تسبح بحمده وتلهج بذكره. بعد أكثر من ست سنوات على اندلاع ثورتنا لازلت أتمنى أن تقترب هذه “الماركة” من ربع معشار الجزيرة في الناحيتين المضمونية والتقنية.
سأستفز اللوبي المسيطر على التلفزة “الوطدية” وإعلام العار المتحالف معها، مرة أخرى، وأعلنها صريحة واضحة بأنني سأبجّل عليهم الجزيرة ألف مرة ومرة لأنها أكثر وطنية من تلفزتهم التي نجحوا حتى اليوم في مصادرتها من شرفاء الاعلام واستعصت بفضل حماية ودعم “المسؤول الكبير” على ثورة الحرية والكرامة وعلى الوطنية في مفهومها التحرري العميق مما جعل كفاءاتنا الإعلامية التونسية تفضل الهجرة والعمل في الجزيرة على العودة إلى الوطن.
ولم أتردد يوما في الاعتراف بأنه إذا ما كان هناك فشل للترويكا فهو فعلا في عدم اتخاذ قرار حكومي بمصادرة هذه الماركة باعتبارها (بالملكية الثابتة بالحوز والتصرف) من الأملاك الخاصة للرئيس المخلوع أو بإحالتها إلى متحف باردو لانتهاء الصلاحية أو تأهيلها وتحريرها (حتى لا أقول تطهيرها) من براثن اللوبي الايديولوجي المتصهين الحاقد على الثورة والهوية والذي لم تزده الهايكا إلا حصانة ورسوخا في الرداءة والسقوط !
لقد أثبتت لائحة مطالب دول الحصار العربي-الصهيوني على قطر ومطلب غلق الجزيرة تحديدا، والذي أعتبره السبب الرئيسي للعدوان، أنها قلعة مخيفة لكل الصهاينة عربا ويهودا لما تحمله وتشع به من قيم حمالة لنظام عربي جديد يقطع مع الاستبداد والفساد والرجعية.
باختصار وبكل ثقة واصرار، قناة الجزيرة هي التلفزة الوطنية الحقيقية بالمفهوم الإنساني العميق في مواجهة “وطنية” أخرى لا زالت أسيرة للوبيات إيديولوجية حقودة تعارف أغلبية الشعب على نعتها بال”وطدية” وألقاب “واطية” نربأ عن ذكرها لما تحمله من معاني السقوط والانحطاط.
ولمن لم يرق لهم رأيي أقول : لكم وطنيتكم ولي وطنيتي !

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock