تدوينات تونسية

أشقى الحكام من شقيت به رعيته

صالح التيزاوي

آل سعود وآل زايد بعد التآمر على العراق هل جاء الدور على قطر ؟

لقد ارتكب آل سعود وأتباعهم من النظام الرسمي العربي هفوة سياسية واستراتيجية عندما تآمروا مع الأمريكان على احتلال العراق وتخريبها وتلك الهفوة ألجأتهم إلى هفوات أخرى قد تجرٌ على منطقة الخليج وعلى الأمة العربية محنة جديدة أشد من سابقاتها ومن هذه الهفوات :

1. إسناد الثورة المضادة للإطاحة بربيع العرب خوفا من انتقال الموجات الثورية المطالبة بالحرية وبإصلاح نظام الحكم وإرساء حياة سياسية جديدة على قواعد منظومة الثقافة الإنسانية والكونية التي لا تتعارض حتما مع قيم الإسلام الصحيحة إلى أراضيها. وقد وظف آل سعود وآل زايد لبلوغ غاياتهما المال وشبكة من العلاقات الفاسدة مع رجال السياسة والإعلام والكهنوت الديني (فقهاء السلطة والبلاط في الأزهر وفي المذهب الوهابي) تجريما للإحتجاجات الشعبية والخروج على” طاعة ولي الأمر” درءا كما يقولون “للفتنة” هكذا وفي عرف الأنظمة الإستبدادية تصبح المطالبة بالحرية فتنة وتصبح المطالبة بإصلاح نظام الحكم “خروجا على ولي الأمر” بعد ان أفتوا بجوازه لإسقاط الرئيس المنتخب في مصر كما حرضوا على تخريب التجربة الديمقراطية في تونس. ألم يكن محمد مرسي وليا للامر؟ فهل الخروج على ولي الأمر مقبول عندما يتعلق الأمر بمن جاءت به الثورة و الديمقراطية وهو مرفوض عندما يتعلق الأمر بأنظمة استبدادية درجت على توارث الحكم كما يتوارثون المزارع.

2. أما الهفوة الثانية فتمثلت حديثا في محاصرة دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي بذريعة حماية الحدود السعودية من إرهاب تدعمه قطر وهي في الحقيقة إنما تريد حماية حدودها من زخات الحرية القادمة مع الثورات العربية ومن منسوب الحرية العابرة للحدود الخليجية ولكثير من البلاد العربية عبر قناة الجزيرة مع أن الإسلام جاء حافلا بقيم الحرية والعدل والمساواة وهذا ما جعل المفكر التونسي الزيتوني عبد العزيز الثعالبي يكتب “روح التحرر في القرآن” جدير بالتذكير بأن السعودية التي تبدي اليوم قلقا على مستقبل المنطقة من دعم قطر للإرهاب هي التي كانت وبمباركة أمريكية وراء هجرة الشباب العربي إلى أفغانستان للقتال ضد الروس ممن يعرفون بـ “الأفغان العرب” وهم الذين تكون منهم تنظيم القاعدة بقيادة السعودي أسامة بن بن لادن.

يبدو أن حكام السعودية وأتباعهم من بقية الأعراب وسماسرة الأوطان في مصر لم يستفيدوا من أحداث التاريخ كما لم يستخلصوا العبرة من السقوط الأول لبغداد على أيدي المغول وما استتبعه من حملات صليبية وغزوات استعمارية على العالم الإسلامي والسقوط الثاني لبغداد على أيدي الأمريكان وما تبعه من تمدد لإيران على حساب الجغرافيا العربية فها هي إيران تتحرك بحرية في كل من العراق وسوريا وتقف في اليمن على الحدود السعودية يراودها حلم قديم في بناء “إيران الكبرى”. فماذا ينتظر آل سعود وآل زايد؟ هل ينتظرون شرا أكبر مما هو الآن على حدودهم؟ لقد كان غياب العقل وقلة الحكمة وراء تآمرهما على تخريب العراق مما هيأ الأجواء المناسبة للإيرانيين في التطلع إلى تحقيق حلمهم القديم فهل يريد آل سعود وآل زايد تكرار التجربة مع دولة قطر.

لقد كتب صاحب العقل والمروءة والحكم الرشيد الخليفة العادل عمر بن الخطاب لأحد ولاته: “أشقى الحكام من شقيت به رعيته”.

وكتب الإمام علي رضي الله عنه لواليه على مصر: “لا تقوينٌ سلطانك بسفك الدماء..”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock