تدوينات تونسية

الإستثناء القطري التركي

زهير إسماعيل
هل يمكن الحديث عن استثناء قطري تركي، في ظل الهجمة الصهيونية الأمريكية على الثورة والمقاومة؟؟!!
فَشَلُ الكيان الصهيوني في أن يكون جارا في المجال العربي، لم يمنعه من أن يمدّ جسورا مع أكثر من نظام عربي، في إطار ما عُرف بسياسة التطبيع.
وهذا ما جعله طرفا في كلّ المعارك التي عرفها هذا المجال. ولم يكن الكيان يوما محايدا في الصراعات بين مكوّنات النظام السياسي العربي.
وتواصل توسّع الكيان بفضل الدعم الإمبريالي. واستقرّت المقاومة عند “مقاومة التطبيع” وقد حرمت الكيان من أن يصبح جارا.
في نهاية التسعينيات، ونتيجة ما عرفته المنطقة من تحولات بنهاية الحرب العراقيّة الإيرانية، والعدوان الثلاثيني على العراق، وحضور إيران القوي في المنطقة، استعادت المقاومة في لبنان أولا وفي فلسطين ثانيا “نهج البندقيّة”.
ولم تمض العشريّة الأولى من الألفيّة الثالثة حتى كان تحرير الجنوب (آيار 2000)، وكسر الجيش الإسرائيلي في لبنان (تموز 2006) وكسره في غزة (الرصاص المصبوب 2009).
وكانت ثورة المجال العربي معطى جديدا وامتدادا نوعيّا لحالة المقاومة. ومثلما كانت المقاومة قاعدة فرز في المجال العربي (حكما ومعارضة)، صارت الثورة قاعدة للفرز في المجال العربي (حكما ومعارضة ومقاومة: الموقف من الثورة كان قاعدة فرز في صف المقاومة ذاتها بتأكّد الفرق بين الوظيفي والعضوي منها).
الكيان الصهيوني، كان طرفا أساسيّا، في كل هذه التحولات في صراع المحاور (التدخل الروسي)، وكانت موقف الفاعلين من أنظمة وأحزاب ومنظّمات في المجال العربي من المقاومة/الثورة بدرجاته المختلفة هو ما يحدّد موقفه وموقعه من الصراع.
“الصهاينة العرب”، بقيادة الإمارات، يتصدّرون معركة جديدة، وينوبون فيها عن الكيان لاستئصال ما يرونه في الموقف القطري والموقف التركي من بعض الشروط الداعمة للمقاومة/الثورة.
المستهدف هو شروط المقاومة ورأسها المقاتل المتمثل في حماس أولا.
لذلك كانت المحاولة الانقلابيّة الفاشلة في تركيا وما يجري الآن مع قطر.
لا تزكية لأي نظام، فجميعها منقادة إلى المصلحة، ولكنه من المهم الانتباه إلى قاعدة الفرز الأساسيّة، وما يُبنى على ضوئها من مواقف ومن سياسات.
في الاستثناء القطري/التركي، مفارقة، فالتجربتان لا تخفيان (مثلما تفعل السعودية وسائر الأنظمة العربية المطبّعة) علاقتهما أو اتصالهما (وهو عندنا مرفوض) بالكيان الصهيوني من ناحية وبالمقاومة/الثورة من ناحية أخرى؛ فلم يمنع وجود قاعدة السيليّة من وقوف قطر إلى جانب المقاومة في لبنان وغزّة وكانت تغطية الجزيرة لغزو العراق في 2003 تغطية منحازة ومواجهة للـCNN والإعلام الغربي المنحاز والعربي البائس التابع، مثلما كان نحيازها للثورة في تونس. كما لم تمنع عضوية الحلف الاطلسي تركيا من مساندة المقاومة/الثورة.
قطر وتركيا تعاقبان صهيونيّا (نعتبر الموقف الأمريكي تابعا للكيان) بواسطة “الصهاينة العرب” بقيادة آل سعود وآل نهيّان، ليس بسبب ما نسب إليهما من دعم لجانب من القوى التكفيريّة الإرهابية المجرمة في سورية خاصّة، ولكن بسبب دعمهما محور المقاومة/الثورة. ولم يُعرف لقطر وتركيا، إلى حدّ هذه اللحظة، موقفا مناهضا للمقاومة الفلسطينية وثورة المجال العربي.
وتبقى المصالح في السياسة وسلوك الأنظمة مقدّمة على المبادئ.
هذان الموقفان القطري التركي، لا ينفكان عما يعرفه المجال العربي مع ثورة الحرية والمواطنة الاجتماعية من توق إلى بناء كيانه السياسي الاقتصادي اللساني الواحد على غرار المجالين الجارين التركي والإيراني. وفي ضوء هذا ُتفهم الأسباب القريبة والبعيدة في اختلاف موقف تركيا وإيران من هذا التوق. وعلاقة كلّ منهما بقطر ومحيطهاالخليجي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock