تدوينات تونسية

الإمارات كما أريد لها أن تكون

صالح التيزاوي

هرول بعض الحكام العرب وخاصة من المتآمرين على الربيع العربي إلى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة “ترامب” بمناسبة انعقاد “القمم الثلاث” متناسين ما نالهم منه من إهانات وازدراء إبان حملته الإنتخابية. غفروا له ما كان منه تجاههم ربما أقنعوا أنفسهم أن العفو من شيم الكرام. أما مع شعوبهم فهم يقطعون الرؤوس على الصغيرة قبل الكبيرة. هرولوا لمصافحته ولو دعوا إلى كسر الحصار على غزة ما لبوا وما خرجوا، ولو خرجوا لكان ذلك لمصلحة أعداء الأمة. أليس من نكد الدهر أن الضيف يملي على مضيفه من يستدعي إلى بيته من ضيوف؟

والحقيقة أنهم لم يقصروا في تكريمه لأن إكرام الضيف عادة عربية أصيلة وقيمة إسلامية كبرى. كان كرم الإماراتيين والسعوديين مع ترامب كرما حاتميا، حيث تبرعوا لفائدة جمعية خيرية تشرف عليها “كريمته” بأموال طائلة. إلى هذا الحد يحبون فعل الخير…! أياديهم بيضاء على الأمريكان والصهاينة ولكنها سوداء على المسلمين، مبسوطة كل البسط في غير بلاد المسلمين ينفقون من غير حساب ولكنهم يقبضونها على المسلمين.

حكام الإمارات يدعمون الجمعيات الخيرية الأمريكية فيما المسلمون يموتون جوعا ومرضا يقتلهم برد الشتاء وحر الصيف في بلاد كثيرة. أطفال غزة يموتون لانعدام الدواء بسبب حصار ظالم يفرضه الصهاينة على قطاع غزة، ومن المسلمين من يصلبون ويحرقون يوميا كما في بورما. وحكام البترول يتسابقون لتقديم التبرعات لـ”بنت ترامب”. مخازيهم ليست قليلة حتى يضاعفوها بمناسبة القمة الأخيرة. علم الله لو توقف الأمر عند هذا الحد لقلنا: إنها أموالكم وأنتم أحرار في تبديدها ولكن أن يصل بكم الأمر إلى حد التآمر على ثورات العرب وعلى مجتمعاتهم وتخريب الديمقراطيات الناشئة فهذا إجرام وصلف. هل غرتكم أموالكم وزين لكم الصهاينة أعمالكم فمضيتم تدبرون الإنقلابات وتشجعون المجرمين من أمثال حفتر والسيسي وبشار وصالح من تجار السياسة على اغتيال تطلع الشعوب العربية إلى الحرية.

لم يعد خافيا الدور التخريبي لحكام الأمارات في بلدان الربيع العربي وحتى في الدول التي لم تأخذ موقفا عدائيا من الثورات العربية ولم تتردد في مساندتها مثل قطر وتركيا. وهو دور لا تستطيعه دولة الإمارات بمفردها فهو أكبر من حجمها السياسي والعسكري والديمغرافي مهما كانت سطوتها المالية إلا إذا كانت مسنودة من قوى أخرى تخطط لها بإحكام وتحدد لها دورها في عمليات التخريب. حيث لم يعد خافيا تنسيق حكام الإمارات مع الكيان الصهيوني بموجبه أعطيت الإمارات دورا فوق العرب وتحت الصهاينة من أجل مزيد من التخريب في الوطن العربي للإبقاء عليه منشغلا بأزماته الداخلية حتى لا تتجه الأنظار إلى تهويد القدس وحتى لا تنتقل الموجة الثانية للربيع العربي إلى أقطار أخرى بما فيها الإمارات التي ترى فيها خطرا داهما فهي تحاول وأده في مواطنه الأصلية خوفا على وجودها المهدد أصلا بحكم تركيبتها السكانية: أغلبية سكانية من جنسيات غير عربية تصل 80%،وأقلية عربية ولاؤها للقبيلة فوق ولائها للدولة وهي عوامل قد تشكل بذور انهيار وشيك لتجمع الإمارات وإعادة تفكيكها مع أول موجة ثورية في بلد ولعه بتكديس منتجات الحضارة والأشياء يفوق ولعه بقيم المواطنة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock