تدوينات عربية

تخريج مواطن مطيع

أحمد القاري
سجلتني أمي في المدرسة الابتدائية في سن السابعة. كان أبي يفضل اتباع عادة الأسرة حينها في تأجيل التحاق الطفل بالمدرسة النظامية حتى يتم القرآن الكريم. ولكنه غلب بسبب مجتمع أصبح يرى في المدرسة النظامية وسرعة الالتحاق بها شرطا أساسيا للنجاح.
مرت السنتان الأولى والثانية بشكل جيد بالنسبة لي. ومع ذلك لم تكن المدرسة ممتعة بسبب اعتماد الأساتذة على عقلية الضبط والعقاب للتحكم في التلاميذ. وذلك بسبب الضغط الممارس عليهم من الإدارة ليقل الغياب ويتم إكمال المقرر في الوقت المحدد لذلك.
كانت المدارس جزءا من الخدمات التي تسيطر عليها الدولة بحزم إداري شبه عسكري.
يوم 16 شتمبر تفتح المدرسة أبوابها ويجب أن يكون التلاميذ والأساتذة في فصولهم. لا مجال للتراخي والتهاون فمدير المدرسة شخص له هيبة وهو حاضر للتأكد من أن كل شيء يسير وفق ما هو مخطط.
زيارة المفتشين تجربة مرعبة للأساتذة فتجدهم يعدون لها أشد ما يكون من الإعداد. ويومها يرى التلاميذ أستاذهم يتحول إلى تلميذ خائف يكاد يرتجف خوفا من حصول خطأ منه أو من التلاميذ الذين تدربوا جيدا على إنجاز “الدرس النموذجي” على أحسن وجه.
لم يكن التعليم يشتغل بعقلية جلب المنفعة للمجتمع وتربية التلميذ وتهيئته ليكون شخصا يفكر بحرية وبعقلية نقدية ويبحث ويبدع. وإنما كان التوجه لإخراج شخص منضبط يطيع ويخاف وينجز ما هو مطلوب منه، ولو على المستوى الشكلي فقط.
ولذلك بمجرد ما رفع عن التعليم العام نظام الضبط المتشدد، بسبب توسع الحريات العامة، وتراجع سلوك التسلط الإداري تحول بالتدريج إلى فضاء للتسيب.
في شتمبر 1983 التحقت بالسنة الثالثة الابتدائية. هذه المرة أصبح لدينا معلم ومعلمة. معلمة للفرنسية والرياضيات ومعلم للعربية وباقي المواد. وكانت الرياضيات والمواد العلمية تدرس بالعربية.
وكنت على موعد مع تجربة سيئة مع معلمة الفرنسية.

#لغات_حية

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock