تدوينات تونسية

الحكومة والمغالطات ورحلة البحث عن الإنجازات…

هشام عجبوني
قدَّمت لنا الحكومة (وبعض وسائل إعلامها) نسبة النموّ بـ 2,1 % التي تحققت في الثلاثي الأوّل كإنجاز عظيم يَدْعُو إلى التفاؤل بمستقبل زاهر!
طبعا، نحن نتمنى ذلك ونفرح لكلّ مؤشرات اقتصادية إيجابية لأن مصلحة البلاد هي التي تعنينا في المقام الأوّل ولا يمكن أن نتمنى فشل أيّ حكومة لأنّ ذلك يعني فشل تونس وضرب لمسار الانتقال الديمقراطي!
ولكن هنالك فرق بين التحليل الموضوعي والبروباغاندا!
أوّلا، نسبة الـ 2,1 % التي وقع التركيز عليها إعلاميا وقع تحديدها حسب الانزلاق السنوي glissement annuel، أي وقع احتسابها على مدى سنة، من 1 أفريل 2016 إلى 31 مارس 2017! ونسبة النمو التي يجب الاعتماد عليها هي 0,9 %، أي نسبة تطور الناتج المحلّي الخام بين الثلاثية الرّابعة لسنة 2016 و الثلاثية الأولى لسنة 2017!
عِلْما وأنّه خلال الثلاثي الأول لسنة 2015 وقع تحقيق نفس النسبة، أي 2,11 %، ولكن نسبة النمو السنوية كانت في حدود 0,8 %!
ثانيا، نسبة النمو هي نتيجة لنسب نموّ عديد القطاعات! وهنا يجب الإشارة إلى كون الـ 2,1 % أتت أساسا من الفلاحة 4,9 % + والخدمات المسوّقة 3,4 % + (ناتجة عن تطور القطاع السياحي) وهي قطاعات غير مستقرِة وتطوّرها ليس ناتجا عن استراتيجية حكومية وإنّما عن ظروف طبيعية وأمنيّة، والخدمات غير المسوقة 0,6 % + والصناعات غير المعملية 0,2 % + (نتجت أساسا عن تطور قطاع المناجم بـ 21,3 %)، في حين سجلت الصناعات المعملية انخفاضا بـ 1,1 % – وهو مؤشر سلبي جدا بما أن هذا القطاع هو الذي يخلق الثروة الحقيقية ويساهم في انخفاض نسبة البطالة!
ثالثا، المؤشرات السلبية لم يقع التركيز عليها وأساسا نسبة التضخّم التي ناهزت الـ 5 % وتواصل ارتفاع عجز الميزان التجاري الذي وصل الى 5,151 مليار دينار مع نهاية شهر أفريل (نسبة التغطية، أي نسبة الصادرات مقارنة بالواردات ناهزت 66,4 %)، وكذلك تواصل انحدار سعر الدّينار حيث تجاوز سعر اليورو 2,7 وسعر الدولار 2,5!
رابعا، عجز ميزانية الدولة ناهز في سنة 2016 نسبة 6 % !
خامسا، احتياطي العُملة الصّعبة انخفض ويغطّي حاليا 104 يوم من التوريد!
سادسا، محافظ البنك المركزي تسائل “وينهم فلوس السياحة؟” بما أنّ ارتفاع عدد السياح لم ينعكس ايجابيا على احتياطي العُملة الصّعبة ! وهنا وجب الإشارة إلى سببين أساسيين:
ارتفاع عدد السياح يأتي أساسا من الجزائر وليبيا وهؤلاء يستبدلون العُملة بالسوق السوداء !
بعض أصحاب الشركات السياحية يتفقون مع Les tours opérateurs ويخفّضون في الفوتوة والفارق يقع تركه في حسابات بالخارج (وهذه ممارسة قديمة لتهريب الأموال)!
فبحيث، على الحكومة أن تعمل على وضع استراتيجيات فعّالة للنهوض بالاقتصاد التونسي عِوض البحث عن التّضليل عبر إبراز أرقام ومؤشرات لا تعني شيئا كبيرا في الوضع الرّاهن!
#خيبة_الدولة

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock