تدوينات عربية

أسفاري واللغات الحية (26)

أحمد القاري
دراسة الهندسة بالتايلندية !
جلس إلى جانبي طالبان من أندونيسيا يدرسان بألمانيا حضرا لزيارة رواق أندونيسيا ضيف الشرف في معرض فرانكفورت للكتاب في أكتوبر 2015. وبدأت الأسئلة المعهودة:
– ما هي لغة التدريس في الجامعة بأندونيسيا؟
كالعادة أيضا ظهر على وجه الطالب المجاور لي نوع من التعجب من السؤال. لكنه أجاب:
– الأندونيسية.
– ماذا عن تدريس الطب؟
– بالأندونيسية.
– و المراجع هل تتوفر بالأندونيسية
– تتوفر بالأندونيسية و بعضها بالإنجليزية
– والرياضيات؟
– الأندونيسية
– والفيزياء؟
– الأندونيسية
تدخل الطالب إلى جانبه لحسم الموقف
– كل الشعب بالأندونيسية بالطبع!
لم تكن المرة الأولى التي أدخل فيها حوارا من هذا النوع. فقد سبق أن طرحت نفس السؤال على ناشرين من التشيك وهي جمهورية أوربية يتكلم لغتها عشرة ملايين شخص.
– ما هي لغة تدريس الطب في الجامعات التشيكية؟
– التشيكية طبعا
– والهندسة؟
– بالتشيكية أيضا
– والإقتصاد؟
– كل المواد تدرس بالتشيكية! هل عندك مشكلة في الأمر؟
لغة بعشرة ملايين متحدث وتستخدم في تدريس كل المواد. هل أخضعوا الأمر لدراسة جدوى؟ هل نظروا في مستقبل أبنائهم الدراسي وهم يحرمونهم من فرصة إكمال الدراسة في فرنسا؟ لكن، ألا يأتي لفرنسا طلاب من كل العالم دون أن تكون لغة دراستهم السابقة عائقا أمام انتسابهم للجامعات الفرنسية؟ ففي كل العالم تقريبا، تكفي سنة من الدراسة المكثفة للغة للالتحاق بالشعب العلمية.
وقبل ذلك إلتقيت في الفندق ناشرا من كرواتيا. وأثناء الحديث عن صناعة النشر والكتاب في بلده سألته:
– ما هي لغة التدريس في كرواتيا؟
أجاب بسرعة بنبرة استغراب:
– الكرواتية.
سألته عن عدد سكان البلد فذكر أنهم 4 ملايين ونصف (المغرب أكثر من كرواتيا 7 مرات).
عاودت السؤال بغباء:
– ما هي لغة تدريس الطب في الجامعة؟
– الكرواتية
– والعلوم
– الكرواتية
تدخلت رسامة كتب أطفال إيطالية كانت معه قائلة بشيء من الإستهجان:
– إنها لغتهم الوطنية!
ناقشت مسألة لغة التدريس مع أشخاص من دول مختلفة ولم أجد وضعا يشبه ما يوجد في شمال إفريقيا وغربها وفي مستعمرات فرنسا السابقة من غير الهند الصينية.
وتلقيت نفس الأجوبة. اللغة الأم هي لغة التدريس. ومسألة صلاحيتها وجدواها ليست مطروحة أصلا.
في ماي 2015، وفي رحلة على خطوط آسيا من سيدني بأستراليا إلى كوالالومبور بماليزيا جلس إلى جانبي شاب تايلندي. كانت الرحلة تسع ساعات فكان لا بد من تقصيرها بشيء من الحديث مع جاري.
عرفت منه أنه مهندس صناعي. وأنه من الأقلية المسلمة. تواصلنا برغم إنجليزيته الضعيفة. شرح لي أن دراسته تمت بالتايلندية في كل المواد. وأنها اللغة المستخدمة في التدريس بشكل عام في بلاده.
عند تبادل صفحاتنا الشخصية على فيسبوك وجدنا صعوبة فإسمي مكتوب العربية واسمه بالحروف التايلندية. تجاوزناها بسرعة بفضل العنوان الذي يعتمده فيسبوك والذي يستخدم حروفا لاتينية.
المهندس التايلندي جعل اسمه على وسائل التواصل الاجتماعي بلغته في تناسق مع كونها لغة ما ينشره على صفحته. وليتم نطق اسمه بشكل سليم دون حاجة لوساطة حروف أجنبية.
ماذا عن اسمك على فيسبوك؟ هل هو بلغتك الأم أو أنك ترى أفضلية للحرف اللاتيني؟
#لغات_حية 26

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock