تدوينات عربية

أسفاري واللغات الحية (24)

أحمد القاري
بلاد الكتب
هل لاحظت أن كل الكتب تحمل على ظهرها رقما يبدأ بـ 978؟ إنه الرقم التسلسلي الدولي للكتاب ويوجد تحت رمز أعمدة ويتكون من 13 عددا.
وقد انتشر نظام الترقيم الأوربي EAN13 حتى صار الأكثر استخداما في العالم. وهو يسهل مناولة وتسجيل المنتجات وتتبع حركتها ومصدرها باعتماد قارئ رموز الأعمدة.
العددان أو الثلاثة الأولى في ترقيم كافة المنتجات غير الكتب تدل على بلد المنتج. مثلا من 690 إلى 695 خاصة بالمنتجات الصينية. ومن 00 إلى 13 خاصة بالولايات المتحدة. ومن 30 إلى 37 محجوزة لفرنسا. رقم منتجات المغرب هو 611.
الأعداد العشرة الأخرى مخصصة لرقم المصنع ورقم المنتج ورقم تحقق يحسب بطريقة آلية للحد من الخطأ عند إدخال الأرقام بطريقة يدوية.
تشكل الكتب استثناء فيما يخص رقم البلد. فهي لا تحمل أرقام بلدان نشرها وإنما تحمل رقم 978 الذي أطلق عليه إسم (بلاد الكتب).
والسبب في هذا الأمر هو أن صناعة الكتب كانت سباقة لوضع نظام ترقيم خاص بها. وهو ISBN الرقم التسلسلي الدولي للكتاب. وتشرف على تنظيمه دوليا وكالة الترقيم الدولي للكتاب.
ومعيار الترقيم الدولي للكتاب من المعايير التي تنشرها المنظمة الدولية للمعايير ISO.
والتقسيم الرئيسي لنظام ترقيم الكتب يعتمد على المناطق اللغوية. خصص الرقمان 0 و 1 للإنجليزية، فصارت كل الكتب المنشورة بالإنجليزية تبدأ بأحد هذين الرقمين مباشرة بعد رقم 978.
وأخذت الفرنسية رقم 2 فهو يستخدم في فرنسا والقسم الفرنسي من بلجيكا وفي كيبيك بكندا والكانتونات الفرنسية من سويسرا.
الألمانية أخذت الرقم 3 واليابانية رقم 4 والروسية رقم 5. والظاهر أن الإسبانية لم توحد ترقيمها فأخذ كل بلد متكلم بالإسبانية رقما خاصا به. وكذلك الحال مع العديد من المناطق اللغوية الأخرى التي لم تنسق فيما بينها أو تأخرت في اعتماد نظام ترقيم الكتاب الدولي.
ويلاحظ أن صناعة الكتاب في دول الغرب مرتبطة بالمناطق اللغوية. فالمكتبات والنشر في إقليم الفلاندرز ببلجيكا مرتبطة بهولندا المجاورة والتي تتحدث نفس اللغة. بينما ترتبط المكتبات وصناعة الكتاب في إقليم والونيا بفرنسا. ولكل من الإقليمين البلجيكيين منظماته وجمعياته الخاصة به في مجال مهنة الكتاب.
وكذلك الحال في كندا. فصناعة الكتاب في كيبيك تتعاون مع السوق الفرنسي بينما ترتبط صناعة الكتاب في الأقاليم الناطقة بالإنجليزية بالولايات المتحدة.
تميز الكتاب بنظام ترقيم خاص به يدل على أنه منتج عابر للحدود. وخصوصا أنه معفى من الجمارك ومن الضريبة على القيمة المضافة في كثير من البلدان، بما فيها العربية. وهذا يسمح لتجارة الكتب بأن تعمل بقيود قليلة ولأسعار الكتب بأن تظل في المتناول.
وفي المغرب مثلا يدفع على استيراد حاوية كتب ضريبة بسيطة لا تتجاوز بضع مئات من الدراهم. ولا تزيد الإجراءات على التصريح بالكميات والعناوين وتسجيلها لدى وزارة الإتصال.
ولذلك تجد الكتب في المغرب منخفضة الثمن وخاصة كتب التراث العربي. فمجلد بطباعة جيدة لا يتجاوز 50 درهما. وكتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني بمجلداته السبعة و العشرين قد لا يصل سعره إلى ألف درهم.
و مع ذلك تشتكي المكتبات من قلة إقبال القراء وضعف مبيعات الكتب. وهو مظهر من مظاهر ضعف المجتمع والدولة. ومن الصعب الحسم أيهما يجب أن سبق الآخر قوة المجتمع والدولة أو ازدهار القراءة.
الدولة الأولى في العالم في الإنفاق على الكتب والمكتبات العامة والنشر وازدهار صناعة الكتاب هي الولايات المتحدة. وهي أيضا الأولى في الاقتصاد والقوة العسكرية. وتليها في الترتيب الدول الموالية في سلم الثروة.
ويلاحظ أن صناعة الكتاب وانتشاره في نمو مضطرد في الصين حيث يتم نشر الكتب بملايين النسخ ويتم ترجمة الكتب الغربية بسرعة كبيرة، سواء بترجمات مرخصة أو مقرصنة.
وحيث أننا نجد صعوبة كبيرة في توفير شرط قوة المجتمع والدولة اللازم لازدهار القراءة، فلم لا نعمل من أجل ازدهار القراءة لعله يؤدي لقوة المجتمع والدولة؟
#لغات_حية 24

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock