تدوينات تونسية

الإستراتيجيات الإنتخابية

الحبيب حمام

كيف تألّق ماكرون بهذه السرعة؟ أسّس حزبه في 2016، سماه “En Marche”، التسمية رهيبة. بعد 5 أشهر، أصبح عدد أعضاء حزبه 60 ألفا، رقم رهيب في 5 أشهر. كيف وقع هذا؟

هناك علم جديد اسمه “علم الاستراتيجيات الانتخابية”، نعم علم جديد، نحن عنه غافلون. ماكرون أقنع 3 أعلام في هذا العلم، وجعلهم يعملون له وهم Guillaume Liégey، و Arthur Miller، وVincent Pons، درسوا في أرقى جامعة في العالم، لسنوات عدّة حسب نظم تصنيف مختلفة، وهي جامعة هافارد (Harvard) الشهيرة. هؤلاء الثلاثة هم الذين صنعوا ماكرون. وكيف عرفهم ماكرون؟ صنعوا نجاح هولاند من قبله سنة 2012. Arthur Miller شارك في إنجاح حملة أوباما الانتخابية سنة 2008. طبعا أحزابنا لا علم لهم بهذا. مهندسو الاستراتيجيات الانتخابية يوجّهون الجماهير حسب مخططاتهم، يبرمجون الفرد بأن يجعلوه جزءً من مجموعة التي رسموا لها طريقها. يجد الإنسان نفسه يمشي في زحمة تدفعه الأكتاف المحتكة إلى الأمام، ولا وقت له في التفكير العميق. لا يفكر الإنسان كفرد أو كمثنى، إنما يتدحرج مع المجموعة.

لصدّ هذا الانجراف في تيار المجموعة التي خطط لها مهندسو الاستراتيجيات الانتخابية، يرشدنا القرآن إلى الحل: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾. يجب الخروج من الزحمة، ثم التفكير بمفردك (فرادى)، انظر إلى السماء وأعمل عقلك. إن شئت ناقش فردا واحدا (مثنى)، لا تجعل نفسك جزءً من آلة، لا تجعل الإعلام يُفكر لك، ولا تجعل الحزب يُفكر لك، ولا تجعل الإيديولوجيا تُفكر لك، لا تجعل المجموعة تُفكر لك، لأنك سوف تصبح قطعة في آلة، لا قيمة لها خارج الآلة. كانت هذه تذكرة مسائية، وبارك الله لكم في يومكم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock