تدوينات تونسية

يسألونك عن الزطلة

صالح التيزاوي

هو، من النخب، أستاذ جامعي، نائب بمجلس نواب الشعب، وكان من قبل نائبا بالمجلس التأسيسي، وعرف بمعارضته الشديدة والبارزة للاسلوب المتبع في صياغة الدستور، باعتبار تخصصه في اللغة والحضارة العربية.

وقد كان يدعى “للبلاطوات” ليحدثنا عن “ركاكة” الأسلوب المتبع في صياغة الدستور. ويلاقي من الترحاب والإهتمام بحجم معارضته لخصومه، إن حقا أو باطلا. بعد أن غيبوه عن الإعلام، لأن مهمته انتهت، اليوم أعادوه، لا ليتحدث في الشان العام، وفي القضايا الحارقة كما كان أيام زمان، جاؤوا به ليقنع التوانسة بجدوى تعاطي الزطلة.

فهي (الزطلة) حسب رأيه، تحدث حالة من الإنتشاء عند متعاطيها، فتولد لديه حالة من الإبداع منقطعة النظير، وأكثر من هذا تجعل منه إنسانا مسالما. (قريبا تختفي كل الحروب) هكذا (سلمك الله) وضح معانيك باستمرار، حتى يرضى عنك، من استقدموك ومن استجلبوك، ومن نزلوا بك من عالم الأدب، والشعر، والحضارة (وهو تخصصك)، إلى عالم “الزطلة”.

سيادة المثقف (غير العضوي)، تفتقت مواهبه، ربما بمفعول الزطلة، وأبدعت لنا “نظريته” في الأمن الشامل، التي ستجعل تونس على باب الحضارة، وعلى عتبة الأمم الناهضة:

تعاطي الزطلة سيمكننا من إصلاح تربوي ناجع كفيل بتفجير المواهب للمربي وللتلميذ، تعاطي الزطلة، حل عملي وجذري لمقاومة الإرهاب، بما أنه يجعل الإنسان مسالما، مقبلا على الحياة،محبا لها، حتى وإن كان عاطلا، أو معطلا، فقيرا، أو مفقرا حل لم يتفطن له خبراء الأمن والمختصون في قضايا الإرهاب، في العالم كله، واهتدى إليه “مثقف الزطلة”، حقيقة “يوجد في البرك ما لا يوجد في الأنهار والمحيطات”.

وفي الزطلة، وصفة سحرية لكل إبداع فني… لماذا نشيد المسارح؟ ولماذا نبني الدور العليا للموسيقى؟ ولماذا نبني معاهد التمثيل؟ ولماذا نترجم الإبداعات العالمية؟ كل هذا محض تبذير ومضيعة للوقت لان الزطلة، ستغنينا عن كل هذا.

من نكد الدهر، أن صاحب هذا الكلام ممن تفترض فيهم الحكمة، والعقلانية، والموضوعية، فإذا به يتحول إلى دجال ومشعوذ، يضع العلم في كفة والزطلة في كفة، وبعد ان ترجح لديه كفة الزطلة، ينصح بالإقبال عليها.

سؤال، يقفز إلى الذهن :صاحب “نظرية الزطلة للأمن الشامل” هل ينطق عن تجربة شخصية؟ وهل وصل إلى ما وصل إليه عن طريق الزطلة؟ وهل جربها قي محيطه الأسري؟

“نظريةالزطلة” ليست بعيدة عن “نظرية السينوج”. هل بمثل هذا الفكر البائس سنبلغ الحضارة؟، كيف نبلغها و”الخطى مستعارة؟” كيف نبلغها ؟ ونحن “نطلق الكلاب في كل درب” و”نربط الحجارة”. أن ترتفع أصوات كهذه، في مثل هذا الظرف الذي تميز باحتجاجات شعبية مناطقية مطالبة بحقها في التنمية، وفي الشغل، وبالإستفادة من عائد ثرواتها الطبيعية، فإن أسئلة كثيرة تقفز إلى الذهن، عن الدوافع وعن المصلحة في الحديث عن “جدوى” تعاطي الزطلة، وعن “جدوى” المصالحة مع ناهبي المال العام، وخانقي الشعب، لعهود طويلة، برعاية نظام الفساد والإستبداد. ومهما اختلقت هذه الأصوات من مبررات، ومهما قدمت من حجج، فإننا، لن نجد مصلحة واحدة للشعب فيما يطرح. هذه الأطراف أسقطت من حساباتها الثورة واستحقاقاتها، ونحن إزاء ثورة مضادة تسللت إلى الواجهة بطريق “ناعمة”، ولكنها قد تخفي الأسوأ.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock