تدوينات تونسية

الإستفتاء في تركيا بين المناوئين والمساندين

صالح التيزاوي

أسال الإستفتاء الأخير في تركيا كثيرا من الحبر، وأثار كثيرا من الجدل في تونس، كما في مناطق أخرى من العالم وخاصة أوروبا، التي تراقب عن كثب تطور الأحداث في تركيا، خوفا من انبعاث جديد “للمارد العثماني”. وأغلب هؤلاء لا يقيمون الميزان عند حكمهم على الأشياء، فهم قد استبدلوه بالأهواء.

المناوئون مازالوا محكومين بأحقاد الأيديولوجيا والتاريخ فهم يرون في الإستفتاء “منزلقا نحو الدكتاتورية” إنهم يحاولون الظهور بمظهر المشفق على الديمقراطية والخائف على الشعب التركي من الدكتاتورية. هؤلاء، هم أنفسهم من صفقوا لمن انقلب على الديمقراطية والشرعية في مصر وسفك دماء المصريين في شهر رمضان المعظم، وهم أنفسهم الذين شدوا الرحال إلى ارض الشام لمساندة من “انزلق” لقتل شعبه، وتشريده وفتح الحدود أمام القوى الإستعمارية لتصفية حساباتها على الأرض السورية، وقدموا له التهاني والتبريكات على “بطولاته” و”انتصاراته” في حلب، وفي خان شيخون، وفي سجون صدنايا، وفي الرقة وفي كل شبر من سوريا، تنبعث منه رائحة الموت. فهل يحق لهؤلاء أن يخافوا على مستقبل الديمقراطية في تركيا؟ ألا ما أكذبهم، وما أشد نفاقهم، إنهم فقط يخشون إبداعا حضاريا بهوية إسلامية.

وعلى الضفة الأخرى نجد المساندين، وقد وقفوا موقف المحامي المتحيز لقضيته.. هؤلاء يدافعون بلا هوادة عن الإستفتاء، عن أردوغان، عن تركيا، وربما يصل الأمر إلى حد مهاجمة “أعداء تركيا”، فهل هؤلاء اتراك أكثر من نصف الشعب التركي الذي لم يصوت لصالح الإستفتاء.

هل باتت النخب التونسية لا تتقن غير لعبة الإصطفاف؟ آه… لو أنفقت هذه التحاليل على الواقع التونسي، لكان ذلك أنفع للبلاد والعباد… ماذا سيغنم المعادون من وراء عدائهم لتركيا؟ وماذا سيجني المساندون من مساندتهم لتركيا؟ ليتنا نختلف على كل شئ، فقط نتفق على هذا الوطن، ونؤمن به، كما آمن الآخرون بأوطانهم.

سؤال يتردد على الأذهان أين أمريكا مما يحدث في تركيا؟ هل هي مع الإستفتاء أم ضده؟

أمريكا مع الإستفتاء وضده، أمريكا مع الديمقراطية وضدها، أمريكا مع الإستبداد وضده، أمريكا مع الإنقلابات وضدها، أمريكا مع رحيل بشار ومع بقائه… هذه ليست احجية ولا لغزا ولكنها أمريكا، هي فقط مع مصالحها… مع من يضمن مصالحها… ليتنا في هذا الوطن ننزع عباءة الأيديولوجيا ونفكر فقط في مصلحة الوطن…

رحم الله احمد مطر: قال في إحدى لا فتاته :

في الأرض مخلوقان : إنس وأمريكان.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock