تدوينات تونسية

سهام التحريفيّة

سامي براهم
لفت انتباهي استعمال أحد المؤرّخين في أحد البرامج التلفزيّة الذي نصب محكمة غيابيّة لهيئة الحقيقة والكرامة ورئيستها عبارتي التحريفيين و révisionnistes لوصف دعوة الهيئة لإعادة كتابة التّاريخ.
ومعلوم أنّ العبارة الأولى تستعمل خاصّة في معان منها تحريف النّصوص المؤسّسة للأيديولوجيات والعقائد الكبرى والتّأويلات الأرتودوكسيّة الصّادرة عنها وقد استعملها لينين لوصم خصومه ممّن انحرفوا عن مبادئ الماركسية الثوريّة وفق تصوّره ثمّ أصبحت تطلق على الأحزاب الشيوعيّة التي قبلت باللعبة الديمقراطيّة والنّزعة الإصلاحيّة التي وصفت بالمهادنة تجاه الامبرياليّة.
وتستعمل العبارة الثانية باللسان الفرنسي في نفس المعنى ولكن خاصّة لوصم كلّ نزوع من طرف المؤرّخين لإعادة قراءة تاريخ المحرقة اليهوديّة “shoah” للتثبّت من وقائعها ومن شملتهم وأعدادهم.
فهل يعتبر هذا المؤرّخ أنّ التّاريخ الرّسمي للبلد الذي كتبه مثقفو السّلطة له ثبوتيّة الأرتودوكسيات الأيديولوجيّة الكبرى التي لا تقبل النّقاش أو قطعيّة الهولوكوست التي لا تقبل المراجعة في الضّمير الغربي المتأثّم بارتكابها والذي يمنع مراجعتها والتحقيق في أيّ جزء من عناصرها ويعاقب على ذلك ؟؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock