تدوينات تونسية

شُرفاء الإعلام والإصلاح مذنبون في حقّ أنفسهم والوطن

منجي باكير

(حين سكت أهل الحقّ عن الباطل، توهّم أهل الباطل أنّهم على حقّ)، تقريبا أصبح هذا القول وهذا الأثر خير توصيف لحال الحراك الثقافي والإعلامي والتعليمي أيضا هذه الأيّام في بلادنا، حيث أنّ هذه القطاعات الحسّاسة والحيويّة و-الخطرة- وقعت قرصنتها من بعد الثورة ووقع اختطاف آليّات اشتغالها، بل وقع اغتصاب الكثير من مفاصل القرار فيها من طرف شُبُهات إيديولوجيّة إقصائيّة ذات بعد يساري تطرّفي، هذه الأطراف ذات المرجعيّات التدميريّة بدأت من بعد الثورة وبصيغ مختلفة وبتقسيمات تُجمع كلّها على إحداث -هوّة- بين العمق الشعبي ومقوّماته الفكريّة والقيميّة وتتسابق في النّيل من هويّة البلاد ودينها وأخلاقيّاتها وموروثاتها الثقافيّة والسّلوكيّة…

أن يُصاب بلد مّا في ثرواته أو تُسرق وتُنهب بعضا من حقوقه ومكتسباته فهذا فيه شيء من الهوان والعزاء، ولابدّ أن تُردّ وأن تُسترجع ولا ضاع حقّ وراءه طالب،، أمّا أن يُصاب في قيَمه وهويّته وأخلاقه فهذا هو عين المصيبة التي لا مثيل لها، وتكبر ذات المصيبة وتعظم إذا كان الهدم والتدمير والإفساد من الدّاخل، وهذا ثابت بحجج وبراهين التاريخ.

هذا ما يحدث، لكن أين أهل الصّلاح والمستنيرين والإعلاميين الشرفاء من هذا التيّار الجارف ؟ إنّهم أصبحوا نكرة حيث يجب أن يكونوا معرفة، أصبحوا غائبين أو مغيّبين حيث يجب أن يكونوا حاضرين، مفرّقين حيث تستدعي المرحلة بأن يكونوا مجتمعين ومتنافرين حيث يجب أن يكونوا متجانسين متكاملين.

هؤلاء المحسوبون على النخبة النيّرة في مجالات الإعلام، الثقافة والتعليم برغم أنّهم أصحاب حقّ، برغم أنّهم أصحاب المرجعيّات الأقوم والطريق الأصوب وبرغم أنّ الحاضنة الشّعبيّة والتركيبة الإجتماعيّة أقرب لهم دون سواهم، إلاّ أنّهم خيّروا أن يكونوا -أيقونات- مشتّتة باهتة الفاعليّة ضعيفة التأثير، خيّروا طوعا أو قسرا بأن يكونوا على هامش الحراك الثقافي الإعلامي وبعيدين عن المشهد التعليمي المعرفي.

فإلى متى وحتّى متى يبقى أهل الحقّ على هذا الحال من الفُرقة والتشتّت مكتفين بالتعوّذ والإنكار الخفيّ، لا يجمعهم رابط ولا يؤلّف بينهم ما على كواهلم من واجبات تُجاه مرجعيّاتهم وتُجاه مواطنيهم وتجاه الوطن أيضا !؟؟

إلى متى يبقى المفسدون ودعاة التغريب وسدنة الإيديولوجيّات المهترئة وأهل الشذوذات الفكريّة والجسديّة يعربدون في المحافل والمنتديات والبلاتوهات وفي الطريق العام أيضا !؟؟ وهم منكفئون لا يجرؤون على التآلف والتلاقي وحشد الجهود التي تصبّ في ذات المقصد وتحمل ذات الأهداف ؟؟

فإلى متى يبقى (أهل الحقّ) من شرفاء الإعلام والإصلاح مذنبين في حقّ أنفسهم والوطن !؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock