تدوينات تونسية

هل أتاك نبأ الأذان إذ الجناة هم الضحية ؟!

الصديق بنعمر

ترددت في التعليق على مشهد الأذان إذ رفع في ملهى ليلي وسط موسيقى صاخبة ورقص وخمور لكنني تابعت سيل الاستهجان والتعبئة على هذا الصنيع فرأيت أن أدلي بدلوي.

بدءا إن ترددي مردّه يقيني أن مثل هذه الأفعال مقصودة ومقصود منها الإثارة لغاية في نفس الجهة التي تقف خلفها في كل مرّة ولكنني كنت أظن أن جمهور الغيورين على المقدسات، متدينين وغير متدينين، قد فهموا اللعبة فلا يستجيبون ولكنهم في كل مرّة يحققون مقصد أصحاب الإثارة. هذا الاستهجان وما يمكن أن ينجرّ عنه دفعني إلى الخوض في الموضوع.

لا يزايدنّ علينا أحد في موضوع الحريات العامة وما يحق لأصحاب الملاهي من خمر ورقص وغيرها في دورهم المخصصة لذلك ولا نختلف مع الغيورين على المقدسات في إنكار رفع الأذان في مثل ذلك المقام من كونه اعتداء على مقدسات دينية لشعب له تاريخه الاسلامي العريق. ولكن السؤال المهم: من ذا الذي يقف خلف هذا الفعل المشين؟ ومن ذا الذي يقف خلف تسريب هذا التسجيل؟ وما هي غاياته وأهدافه؟

لا أملك المعطيات لتحديد الجهة التي تقف خلف ما حدث ولكنني أملك حدسا يكاد يكون يقينا في أن الصنيع والتسريب كلاهما غير بريء ولإحدى غايتين:

1. التمويه على أمر ما يراد له أن يُمرر أو أن يُغض الطرف عنه أو أن يُبرر.

2. تأجيج الصراع السياسي:

– للنيل من طرف ما، النهضة أساسا باعتبارها مدانة من خصومها السياسيين إن هي أدانت هذا الصنيع وهي التي نفت أن تكون ناطقا باسم الدين أو مدافعا عليه وهو ما يزيد من شعبية خصومها. وهي مدانة كذلك من أنصارها إن هي أحجمت عن الخوض في الموضوع وإدانته بشكل صريح وهم يرونها حزبا إسلاميا لا بُدّ أن يوفي باستحقاقاته وهو ما ينقص من شعبيتها.

– لدعم طرف ما، أساسا ممن يقدمون أنفسهم مدافعين عن الحريات العامة وعن النمط المجتمعي المتسامح، خاصّة أن الاٍرهاب يتربص بالبلاد وقد يلقى ضالته في مثل هذه الظروف وهو ما يزيد من شعبية هذه الأطراف السياسية التي تطرح نفسها مقاوما للإرهاب.

لئن كان للسياسيين حساباتهم ربحا وخسارة ونحن على أبواب انتخابات غير بعيدة فإن لهذا الشعب مصلحته في أن يظل متماسك الأركان قويّ البنيان قادرًا على العيش المشترك بعيدا عن الصراعات والعداوات في وطن يحتاج جميع بنيه.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock