تدوينات تونسية

التطرف الديني والتطرف الوطني والوطنية عموما

كمال الشارني
بالله، حتى كان الحديث عيب، ياخي مراجعة التاريخ الرسمي حول “المجاهد الأكبر” ورفاقه من “كبار المناضلين”، أولئك الذين يزعمون أنهم خلصونا من القمّل ممن رضي عنهم مؤرخوه، هل هي جريمة ؟
وحتى كان الحديث عيب مرة أخرى، ما الفرق بين من يكفرك دينيا لأنك تختلف عنه في المعتقد، وبين من يخونك وينتزع عنك صفة الوطنية، لأنك طرحت في الفضاء العامة تفاصيل مجهولة أو رواية أخرى من التاريخ الوطني ؟
يعني، الواحد منا لا يستطيع أن يذكر تاريخ “المجاهد الأكبر“، إلا وهو على وضوء وطهارة، ملتزما بالرواية التي رواها محمد الصياح خوفا من التخوين ومن فقدان صفة الوطنية ؟
للتذكير فقط: الوطنية تم اختراعها في البلقان في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، وأفضل من وصفها هو الكاتب الكولمبي الكبير “غبريال غارسيا ماركيز” في رواية خريف البطريق: “لم تكن الوطنية سوى خدعة اخترعتها الحكومة لكي يحارب الجنود مجانا”، وفي مكان آخر من الرواية، يقول الجنرال الطاغية لأمه مفككا فكرة الحكم: “أماه، إن الوطنية هي أفضل الاختراعات”، ومنذ أكثر من عشرة أعوام، قال لي أحد الأصدقاء في تونس: “أصبح اللجوء إلى سفارة أجنبية عملا وطنيا، كيف ؟ على الأقل، حين يسجنوك أو يعدون لقتلك، تصرخ، فيسمعك العالم”.
راهو الحديث أصلا هو العيب.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock