تدوينات تونسية

من حالف قوما فهو منهم !!!

الحبيب حمام
هل يُقبل هذا القول؟ من قال بهذا فأين يُصنِّف رسول الله حسب خلاصة “فهو منهم”؟ هل هو حاشاه من كفار بني ضمرة؟ أم حاشاه من كفار بني مدلج؟ أم حاشاه من كفار قبائل جهينة؟ أم حاشاه من يهود بني قريظة (قبل الخيانة العظمى)؟ أم حاشاه من كفار قبيلة خزاعة (قبل أن تُسلم)؟ حاشى لله أن يكون الرسول من هؤلاء، بل كان حكيما يهتدي بهدي الله، يميل إلى الموادعة، ويبحث عن ظروف التعايش مع مخالفيه في الجوهر (العقيدة) أو في الهامش (تفاصيل أخلاقية أو تشريعية)، ويُرسّخ معنى القبول بالآخر. لم ينقض التحالف مع بني قريظة (البند 18 من دستور المدينة) إلا بعد الخيانة الوطنية (الخيانة العظمى) كما هو منصوص على ذلك في البند 14 من دستور المدينة.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش فوق الأرض، ولا يُحلق في سماء المثاليّات، يبحث عن أفضل الظروف الممكنة له ولأصحابه ولمستقبل أمّته. نظرته بعيدة، وتحالفاته هي من ضرورات التعايش، وليست إقرارا بسلامة عقائد المتحالف معهم، ولا إقرارا بحسن أخلاقهم. التحالف سياسي لتحقيق غرض عظيم، وليس تحالفا عقائديا أو أخلاقيا. تحالفات تقتضيها سياقات المكان والزمان وظروفها. من فوائد صلح الحديبية أنه نصّ على فتح باب التحالفات “وإنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه”. وفعلا دخلت قبائل في الحلف أوّلها خزاعة. من حكمة رسول الله تفريق الأعداء وتشتيت السهام وتحييد بعض الخصوم. هناك فرق شاسع بين من حالف قوما ومن تولّاهم. انتبهوا. كانت هذه تذكرة وأسعد الله يومكم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock