تدوينات تونسية

دكتاتورية بطعم ديمقراطي

أنور الحاج عمر
ثلاث احداث حصلت مؤخرا جعلتني استوعب درسا مهما في السياسة. ففي اي دولة ديمقراطية تحترم نفسها هناك مستوى مرتفع من الفصل بين السلط الثلاث. فصل وتساوي في العلوية. يحققان التوازن السياسي المطلوب.
ثلاث أحداث جعلت لعنوان هذا المقال معنى:
الاول: القطاع الطبّي والشبه طبّي يقود حملة اضرابات الهدف منها الحفاظ على بقاء القطاء فوق القانون..
المفترض ان السلطة القضائية هي التي حاكمت الطبيب والفني طبقا لمعطيات ووقائع واضحة ولها حججها وبراهينها. لكن الاطباء واعوانهم يمارسون ضغطا أقل ما يقال فيه انه وحشي دموي على السلطة التنفيذية وليس السلطة القضائية. ضغطا يذهب ضحيته آلاف من المرضى التونسيين الذين لا ناقة لهم ولا بعير في هذا الصراع.
ما اعرفه من خلال خبرتي في التعامل مع القطاع الطبي في تونس وما عانيت منه مرارا من استهتار واستخفاف اغلب الاطباء والفنيين بالمرضى والتعالي والغرور والعنجهية والوقاحة التي يتعاملون بها مع المرضى مستغلين حالتهم الحرجة وضعف موقفهم. يجعلني لا أشعر أبدا بالتعاطف معهم خصوصا بعد تعدد ضحايا اهمالهم واستخفافهم.

الثاني: المعركة المحتدمة بين المجلس الأعلى للقضاء الذي يمثل السلطة الشرعية الدستورية ونقابات القضاة التي تستميت في التمسك بما تراه حقها في الاستيلاء على صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء. ويعاني قطاع القضاء جراء ذلك من مشاكل جمة ومتراكمة ومتصاعدة.
الثالث: دعوة محمد عبّو “المناضل الديمقراطي” زعيم “التيار الديمقراطي” للعصيان المدني في تونس اذا ما وقع تمرير قانون المصالحة.
بغض النظر عن كون تلك الدعوة هي مجرد شقشقة لفظية ودعوة عنترية فارغة فان يدعو مناضل ديمقراطي للتمرد على الشرعية الديمقراطية ويدعو “وحده” لاسقاط خيار يمثل اغلبية الشعب التونسي فان هذا يدعو للتساؤل.. والاستغراب..
فكأن السلطة التنفيذية التي يرأسها الباجي الذي استماتت زوجته في الدفاع عنه في لجان التأسيسي هي التي تقر قانون المصالحة وليس مجلس نواب الشعب الذي انتخبه الشعب ديمقراطيا..
لولا الديمقراطية لما حصلت هذه الأحداث. انها ديمقراطية بطعم دكتاتوري. او لعلها بقايا دكتاتورية يمارسها منتسبون للمجتمع المدني بطعم ديمقراطي..

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock