تدوينات تونسية

برهان بسيّس،،، لا عهد له ولا ميثاق

منجي باكير

برهان بسيّس -وهذا يعرفه هو قبل غيره- أيقونة ارتبطت صورتها بأحلك عهود تونس وأكبر دكتاتوريّة بوليسيّة تحكّمت في البلاد والعباد، حتّى أصبح إسمه يعني آليّا تلك الحقبة ويشير لذلك إيماء وإيحاء وأيضا تصريحا، إن ّ هذا الإسم هو أحد شهود الزّور وأكبر مسوّق محتال للعهد البنفسجي وكلّ مشتقّاته… كما طُبع هذا الإسم وخلّدته الذّاكرة الشعبيّة في ركنها المظلم الذي حشرت فيه كثيرا من الأسماء والجهات التي تسبّبت عقودا من الزمن في عذاباتها ومراراتها وتخلّفها وجهلها وحرمانها من كثير من مقوّمات المواطَنَة وأسباب العيش الكريم…

برهان بسيّس هذا الإسم الذي انطبع في أذهان التونسيّين وصار في ذاكرة الشعب عنوانا للشّهادة الزور والتطبيل للعهد البنفسجي والترويج له والتنظير لمشروعيّته وطمس جرائمه، هذا المسمّى الذي أقرف أسماعنا في العهد السّيء الذّكر من خلال المنابر والشّاشات بسفهه وقبح تحليلاته وضلالها والذي كان يملأ الدنيا كذبا وبهتانا ويحترف تزلّفا لا يؤمن به حتّى هو في قرارة نفسه، هذا الذي ساعدته ذاكرةً شحن فيها كمّا من الثقافة العامّة جعل منها (ماعون الصّنعة) وقالبا هلاميّا يشكّله ويوظّفه في الإتّجاه الذي ينتهجه -حينها- مع تبدل المسمّيات والجهات وعناوين الولاءات،،، هذا الذي أتقن التلوّن في خطابه حسب البيئة التي تؤويه ويتمعّش منها،،، هذا برهان بسيّس الذي حاكم نفسه وصالح نفسه وعاهد نفسه يوما لكنّه انقلب أيضا على نفسه ونكث عهده…

برهان لم يف بوعده القاطع ولم يبرّ أيمانه ولم يكن عند كلمته فما لبث وقتا حتّى -تسرّب- في بعض الحوانيت الإعلاميّة، ثمّ رسب، وأخيرا طفى زبدا راغيا في إحداها ليجدّد العهد مع (برهانيّاته) ويحترف التبسيس لكن برواية أخرى وبمفهوميّة أخرى مع بعض الحقائق التي يزيّن بها إرهاصاته وتنبّؤاته السياسيّة و-يتبّل- بها رُؤاه وتنظيراته وشطحاته التي لم تتبدّل فيها إلاّ الأسماء والمسمّيات والتواريخ..

بسيّس لاعب ماكر وداهية إعلامي يتعدّى كثيرا من التصوّرات ويفوق كثيرا من الوجوه الإعلامية التي تعتبر أنفسها أسماءً مؤثّرة، هو يعرف متى يتحرّك ويحسب بمنطق الربح والخسارة كلّ فعل إعلامي متّعضا بما جرى عليه سابقا، فهو لا يقيم حاجز العداء لأيّ جهة، وهذا ما انتج مراودته واقتناصه فرصة للركوب في قاطرة النّداء المعطوبة والمخروبة من أبناءها…

طبعا بسيّس فعل هذا لا إيمانا بالتحزّب ولا ولاءً مرجعيّا لحزب هو يفتقر لذلك أصلا،،، فهذا لا يعني برهان ولا يحرّك برهان ولا يدغدغ قريحته وشاعريّته،،، ولم يفعله عهدا وميثاقا لأنّه لا يحسنه، فقط هو تقاطع مصلحي مادّي نوعيّ (مؤقّت)… لكن أيضا من الغباء أن نعتبر أنّ جماعة النّداء لا يعرفون هذه (المناقب) عند ناطقهم وواجهة -فترينتهم- الجديد…!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock