تدوينات تونسية

2 مارس: الذكرى 12 لوقائع قصر العدالة

القاضي أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء

اذكر منذ اثنتي عشرة سنة في احد ايام الاربعاء الثاني من مارس 2005 بعد الزوال بقصر العدالة بتونس الوقائع الخطيرة التي تزامنت مع ايقاف الاستاذ محمد عبو وتقديمه للتحقيق يوم كنت رئيسا لجمعية القضاة التونسيين اجلس بمقر الجمعية بقصر العدالة مع زملائي اعضاء المكتب التنفيذي الذي لم يمر على انتخابه اكثر من شهرين ونصف في المؤتمر العاشر للقضاة.

ولم نكن في عشية ذلك اليوم الموافق لموعد الاجتماعات المعتادة للمكتب التنفيذي لنتوقع ان تنفجر الاحداث امام مكتب قاضي التحقيق وان تتحول المحكمة تحت حصار البوليس وفي حضور مكثف لاعوان الامن الى الساحة للاعتداءات الفظيعة على المحامين الذين حضروا لمؤازرة زميلهم وقد كان افراد من المكتب التنفيذي شهودا على ذلك زيادة على معاينتهم للفوضى العارمة التي عمت المحكمة والاضرار اللاحقة بها !

ورغم مرور تلك السنوات لم يغب عن ذاكرتي مشهد الاعتداء وحضور المحامين بمقر جمعية القضاة وهم يروون تفاصيل الوقائع تحت وطاة الملاحقة الامنية ولم يجل بخاطري -وكذلك زملائي- ان نتغاضى عما حصل وان نعتبر ذلك من جملة الاحداث التي تحصل وتمر ونبتلع فيها السنتنا حتى لا نفتح على انفسنا “نار جهنم”!

لقد قيل لنا بعد ما حصل ان اتخاذ موقف بشان هذه الاحداث يمثل تسرعا او اندفاعا لكن الايام بينت ان ما عبرنا عنه كان الموقف الصحيح في الزمن الصعب! كلمات كان لها وقع الزلزال في “جمهورية الموت” خصوصا وهي تصدر عن قضاة يمثلون زملاءهم وينتسبون لاحدى السلطات المفترضة للدولة!

ربما كان الموقف اكبر من وضعنا وفي محيط لا يتحمل تبعات تلك الكلمات:

– لا للتجرؤ على الحرمة المعنوية للمحكمة والمساس باعتبار السلطة القضائية.

– لا للاعتداء على الحرمة الجسدية للمحامين والتعدي على حق الدفاع والاحترام الواجب للمحامين.

– نعم لتضامن القضاة مع المحامين ومساندة حقهم في اداء واجبهم بكل حرية واستقلالية.

لقد كتبنا ذلك ونحن نعي ان التضامن مع المحاماة وحق الدفاع هو ممارسة حقيقية لاستقلال القضاء. ربما أخطأنا التقدير لمآلات ما كتبنا ولما كانت تخبؤه الايام لنا ولهيكل القضاة من مصير. لكن لا اعتقد ان الندم قد خالجنا في اية لحظة عن تلك “الكلمات” حتى في عز “ازماتنا” مع المحامين او في فترات الملاحقة التي تولاها “البوليس القضائي” ضد “الهيئة الشرعية لجمعية القضاة”.

لكن كم نفتقد من وراء تلك “الذكرى الاليمة” احدى حركات التضامن الرمزية التي غادرت حياتنا منذ الثورة!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock