تدوينات تونسية

مفتينا… ومارينا

بشير العبيدي
#بالفلفل_الحار
مرّة أخرى، تلتقي صورة الدين مع صورة السياسة في مقابلة ودّية تنتهي بعراك ! والسبب هو أن صورة الدين حين تريد أن تلعب السياسة تخسر،؟ كما أن صورة السياسة حين تريد تلعب ورقة الدين تحترق !
مارينا لوبان التي تتصدر استطلاعات الرأي للرئاسة الفرنسية، أرادت أن تدغدغ مفتي لبنان من بطنه، فدغدغها من رأسها ! قال لها: إما تغطي شعرك الأصفر وأما لا أراك !
النتيجة: هالة من الإعجاب بمفتينا الذي حاول فرض (عوائد الاسلام) على الثعلب الفرنسية ولما امتنعت رفض مقابلتها، وسيل عرمرم من الإعجاب بمارينا التي أثبتت لكل حامل لورقة انتخاب أنها غزت غزوة لبنان وانتصرت لأنها رفضت وضع خرقة على شعرها وبينت للفرنسيين أن الإسلام ديانة متخلفة.
على أن مفتينا طلع أكثر فحولة من قداسة الإمام الأكبر، ومارينا طلعت أجرأ من نابليون بونابارت، يا لها من “ثعلوبة”.
الخاسر في هذا البيع والشراء هي الحقيقة !
فمفتينا هل يرفض في شوارع لبنان أن تستوقفه أي امرأة وتسأله عن شيء ما؟ هل سيفرض عليها تغطي رأسها قبل أن تسأله؟
وهل كون مفتي الأزهر الإمام الأكبر الذي قابل الثعلب مارينا دون غطاء رأس سيجعل منه حداثيًّا وهو محكوم برئيس انقلابي ذبح آلاف المصريين ظلما وعدوانا ولم ينبس بضرطة ؟
وهل كون مارينا التي التقت بقداسة إمام الأزهر اقتنعت بكلامه الحلو؟ وهل كونها لم تلتقي بمفتينا في لبنان ستنام ليلتها وجلة حزينة ؟
ما هو المقدس ؟ هل هو الخمار أم المفتي أم السياسة أم الدين ؟
في الواقع المقدس هو: الحقيقة. والحقيقة هي: أننا لا نحتاج هذا الخمار على رأس ثعلب جالسة على بعد خمسة أمتار من مفتينا لمجرد الحديث والتقاط صور أمام عشرات الكامرات، والحقيقة أننا لا نحتاج أصلا هذا اللقاء، نحتاج من مفتينا أن يأتينا… يأتينا لزيارة الضواحي في المدن الأوروبية ويقف على أحوال الناس… نحتاج مفتينا يأتينا يواسينا في مصابنا بعد قتل الكنديين في مسجد خلال صلاة العشاء…
لماذا لم يأتينا مفتينا؟ خائف منا أم علينا؟
هذه هي الحقيقة التي ضاعت في قصة مفتينا مع مارينا. فلا رأينا مفتينا. ولا أحببنا مارينا.
اللهم حوالينا ولا علينا.
تبّا
جمادى الأولى 1438
كَلِمَةٌ تَدْفَعُ ألَمًا .. وَكَلِمَةٌ تَصْنَعُ أَمَلًا !

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock