تدوينات تونسية

أسئلة التموقع المكررة

إمحمد ضيف الله
هي ليست المرة الأولى ولا أظنها الأخيرة التي أعود فيها لطرح أسئلة قديمة في محاولة جديدة لإيجاد أجوبة مختلفة وأهمها على الإطلاق سؤال لماذا أنا هنا ولست هناك وهل أني على صواب؟ أم أنهم هم أي الآخرين فعلا المخطئون، أسئلة لم أتجرأ سابقا على طرحها بصوت عال مثلما افعل الآن أسئلة محورها الرئيس متلازمة الغباء والفطنة أو ربما متلازمة الرجولة والثبات على المبدأ والنفاق والوصولية.
ما قبل 2011 كنت اطرح الأسئلة نفسها ماذا لو كنت معهم ونلت مثلهم المناصب والترقيات وشبكة واسعة من العلاقات تيسر لي قضاء شؤوني ومصالحي لعل أهمها تشغيل أبنائي بدل مكوثهم في البيت وغدوهم ورواحهم على مكاتب تسمى زورا مكاتب التشغيل ما الذي سأخسره؟ مقابل الربح الوفير الذي يحصده الأخر كيف لي وأنا الذي أفني الأعوام في خطة “محاسب عمومي” ولم أستطع أن احسبها جيدا فلو كنت هناك معهم مع صفوف المصفقين والمهللين والمنافقين لنلت ما أردت وحتى ما لم أخطط لنيله.
في داخلي ووحدتي لا أخفى سرا حين أقول إنني كنت اطرح أسئلة التردد أو المتردد أسئلة تؤرقني أحيانا وتمارس علي الضغط النفسي بالتعبير الطبي.
ومضت السنون تلو السنين ووجدتني على نفس الناصية امشي منفردا حتى اقتنع الناس أنني فعلا بصدد ممارسة رياضة المشي بنصيحة طبية لحرق سعرات حرارية زائدة بفعل مرض السكري لكن الله وحده يعلم إنما كنت أمارس رياضة التفكير وطرح الأسئلة خلسة وبدون علم أجهزة الأمن وهي لعمري مخالفة قانونية في زمن الاستبداد.
وجاء اليوم الموعود يوم 14 جانفي 2011 لم أجد الوقت يومها ولا الأيام التي تلته لممارسة رياضتي المفضلة لان مشاعر الفرح كانت قد غمرت كياني كله فأمكن لي المرور إلى مرحلة الحديث والنقاش داخل الحلقات وحتى خارجها بعد مرحلة التفكير والصمت الطويلين.
وتمر السنوات عام عامان ستة أعوام لا أرى ضوءا في الأفق أو شمعة من المسافات البعيدة أو من المحطة التي أقف عليها بل إن أولئك الذين صمتوا واندحروا طوال شهور 2011 وتركوا لنا الساحة لنملأها بصخبنا وضجيجنا عادوا إلينا إما متسللين بأقنعة وأثواب أخرى أو متلبسين بنفس الخطاب القديم والتهديدات المبطنة بعضها والعلنية في بعضها الأخر.. عادوا كالعقارب ولم نعد لهم بالنعال.
حتى رأينا بأم العين شباب الصف الثاني من ذاك القطيع ما قبل 2011 وقد كان يمني النفس بالرضا فيتكرمون عليه بان ينادونه باسمه ولقبه ها قد عينته الثورة معتمدا أو واليا أو في منصب آخر يليق لا بهم.
يحضرني قول أحد الفلاسفة: “عندما تحب شخصًا ولا يبادلك هذا الحب، تشعر بأن العالم ينتهي. الألم الذي تُحِس به حقيقي. إلى الدرجة التي لا يمكنك التحكم في مشاعرك لكن علميا ينتج الرفض من نفس الخلايا العصبية في الدماغ بحيث يحولها إلى ألم جسدي لتتعلم كيف تتخطى رفض الأخر لك”.
لقد بات لدي شعور شبه دائم إن الحراك الذي وقع والذي كان أبطاله الحقيقيون هم الدهماء آو عامة الشعب والذي أحيا فينا لشهور إحساس المحبة والتعاطف والتضامن انتهى حين اصطدم بصخرة الواقع واقع التوافق والاتفاق والنفاق.
لأننا ببساطة شديدة جدا عدنا إلى المربع الأول أو الأصح ظللنا حيث نحن.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock