تدوينات تونسية

عندما لا تجد لمن ولا لما تكتب.. الوطن الصحراء..

الحبيب بوعجيلة
(مشهد أصغر من حروف كاتب)
الكتابة ليست فقط قول فكرة و ابداء رأي ولو اقتصرت على ذلك لكانت عملية ميكانيكية باردة.. الكتابة أيضا اثارة أحاسيس وتعبئة أرواح من أجل هذه الفكرة أو ذاك الرأي وبذلك يضع الكاتب فيها ما يفيض عن الفكرة والرأي من دم مشاعره كي يحس أنه يعيش من أجل قضية أو فلنقل انه يموت حياة من أجلها.
في كل مراحل التاريخ المفصلية للشعوب هناك زعماء أو حركات أو أحزاب يختزلون مشاريع أو قضايا وطن ومثلما يُفصل الكُتاب في أفكار هذه المشاريع والقضايا فانهم يعبئون أيضا بكتاباتهم حول هؤلاء الزعماء أو تلك الحركات فتفيض من كتاباتهم ما تختزنه الارواح الكاتبة من أحاسيس فائقة لا تلبيها فقط الكتابة الباردة عن الفكرة والرأي.
الكتابة لزعيم حقيقي أو لحركة وطنية ذات مشروع حقيقي ليست نقيصة للكاتب ما دام ذلك جزء من تنظيره للفكرة والرأي التي ينذر نفسه من أجلها ولم يحتقر الناس إلا كتابا حقيرين يكتبون لزعماء أكثر منهم حقارة. كان لكاسترو وعبدالناصر ونهرو وغيرهم من كبار الزعماء كُتاب كانوا لهم منظرين ومعبئين دون أن ينقص ذلك من صفاتهم ككُتاب أحرار.
الكاتب الحقيقي شاعرا كان أو فيلسوفا أو أديبا أو صحفيا يحتاج زعماء حقيقيين ومشاريع حقيقية يبشر بهم وبها. ليس أبشع من أن يعيش الكاتب في المراحل الحاسمة في وطن بلا زعماء ولا مشاريع يليقون بفائض احساسه وعميق كلماته.
في الوطن المتصحر بلا أفكار ولا مشاريع ولا زعماء ولا حركات إلا ما يدعيه البعض من سراب مستعار يهرب الكاتبُ لذاكرة الأمة كي يبحث عمن يكتب له.. ضجيج الصغار هذا لا يليق بوطن.. هل قدر الكاتب أن يكتب فيه لشاهدة قبر من قرون مضت ؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock