تدوينات تونسية

فرعون مصر في زيارة لتونس

سليم الحكيمي
فرعون مصر في زيارة تونس : لماذا استضاف الباجي عبد الفتاح السيسي؟؟
حين زارت “ام كلثوم” تونس سنة 1968 اقامت بفندق “الهلتون”، لم تسمع اذانا، فتساءلت وعرفت انها بمنطقة حديثة لا تعترف بالجوامع. فتبرعت بجزء من مداخيل حفلتها لبناء جامع سمي باسمها في نهج الرياض “بميتوال فيل” ووضع حجر اساسه الشيخ الفاضل بن عاشور واقيمت فيه اول صلاة جمعة يوم 21 افريل 1972. ثم ازيح الاسم وغير الى “جامع السلام” لتقطع دولة العلمانية الصلبة الوريد بين الفن والعمل الخيري وتسوق اسلاما نقيضا للفن في حين انه نص في فن الحياة.
وجه الباجي الرئيس “المنقلِب بالانتخاب” دعوة الى العسكري “المنتخَب بالانقلاب”، من زعيم ثورة مضادة في تونس الى زعيم ثورة مضادة من مصر، وكلاهما في الانقلاب شرْق. ما يؤلم حقا، ان الباجي يستضيف من أهانه وارسل في استقباله وزيرا من درجة ثانية وسماه بـ”فخامة الرخيص” امام العالمين في سابقة ديبلوماسية أكد خبراء علم النفس انها لم تكن زلة لسان بل حركة متعمدة حملت انتقاما من تونس لانها صدرت الثورة الى المنطقة، وردا على سؤال رئيس الوزراء المصري عن فساد الدولة من صحفي تونسي. وللانصاف، كلاهما انتصبا بديلا عن وجوه الثورة مبشّرين بعهد افضل ولكنهما قادا مسيرة التقدم الى الوراء: الباجي لينقذ تونس من “براثن الترويكا” فصار حزبه يبحث عن الانقاذ، ادعى انه سيكون حصنا ضد الارهاب فعرفنا في عهده، وفي سنة واحدة، مقتل 11 من الحرس الرئاسي، و22 سائحا وجرح 42 آخر في باردو، و40 قتيل من السياح و38 جريح في هجوم سوسة، وانتقلت البلاد الى اسوا الارقام من 3.2 نمو الى 0.8 ونسبة البطالة من 13 الى 15.8. وانخفض سعر الدينار الى 2.500 مقابل دولار واحد بعد ان كان 1.7 في عهد الترويكا، وزادت المديونية حتى وصلت 63.2 من الدخل الوطني واحتلت تونس المرتبة 75 في مؤشر الفساد… وصارت نكتة الدهر.
اما الفرعون الصغير، وخريج الاعدادية “نوفيام تونس” صاحب وعد و”بكرة تشوفو مصر”، فقد دشن عهده باكذوبة ثورة 30 يونيو التي نظمها التحشيد الاعلامي وحرسها الجيش والبوليس وحدد مسارها وهي اغرب ثورة في التاريخ لانها ثورة بالـ rendez-vous. زعم انه خرج فيه 30 مليون مصري مفوضين اياه ليقوم بانقلابه، ولكنهم اندثروا فجاة في الانتخابات الرئاسية التي لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة 2.5 % ولست ادري اين اختفى 30 مليون؟ فنصحته “الإيكونوميست” البريطانية بعدم الترشح في انتخابات الرئاسة 2018، لان حظوظه لن تتجاوز مليونيْ صوت. وبعد ان اتضح انه استبدل اكذوبة “اخونة الدولة” بعسكرتها من قبل طغمة تبيع الناس 80% من السلع وتستحوذ على 45%من الشركات لتحتل مصر المرتبة 108 في مؤشر الفساد. مدشنا عصره بمذبحة رابعة بـ 4000 قتيل و90 الف مطارد و40 الف سجين ومشرد، ووصل سعر الدولار 19 جنيه مصري، بعد ان كان في عهد الرئيس المدني المنتخب مرسي يساوي 5 جنيهات فقط. حاليا، لجات النظام الى تعويم الجنيه في ندرة النقد الأجنبي بالبنوك، وقد تلجا الحكومة لطبع النقود في كارثة اقتصادية سترفع تضخم الأسعار وسط تقديرات تؤكد ان نسبة الفقر تزيد عن 50% بعد ان كانت 21%، ونسبة «الفقر المدقع» تصل 4.4% و1% من الأغنياء يمتلكون نصف الثروات.
السيسي مندوب اسرائيل في مصر كتبت عنه صحيفة يَديعوت أحرونوت “شكرا للسيسي” بعد قيام مصر بسحب التصويت على قرار ضد الاستيطان الصهيوني بمجلس الأمن، ومشروع الشرق الاوسط الجديد بتمويل من الخليج ويد عاملة من مصر وإدارة من تل ابيبب. ولست ادري لماذا يصمت دعاة “تجريم التطبيع” حين يكون المُطبّع مع اسرائيل جلادا للاسلاميين؟؟. الرئيسان عمدا الى تجريف عقل المواطنين ووعيه بالقهر الدعائي.. معسكر 30 يونيو يواجه خطر الشتات والشعب سينتفض في ثورة جياع. و”النداء” يتجنب الانتخابات البلدية خشية الفضيحة بعد ان عرف الناس ان المقصود بادارته 4 حكومات تعني القدرة على 4 انقسامات. ليست المعضلة في انخفاض قيمة الجنيه او الدينار، ولكن في انخفاض المعيار القيمي للسياسيين وقطاعات نخبة روجت للوهم وسطحت الوعي، فالدعوة الى الزيارة جاءت من الدولة، والصحافة تسال حزبا !! لانها لم تفهم الفصل بين الدولة والحزب، واعتبرت المطالبة به زمن بورقيببة وبن علي تطرفا. ولذلك انتخبت “النداء” وبقيت تلوم “النهضة” عملا بالمثلين الشعبييْن “الماكلة على البُومْزيّن والصّياح على الزّرزور” و”الوَعْدَة لْبن عروس والطْحين للكْلاعي”.
والسؤال ما سبب الدعوة و”ايش لمْ الشّامي عالمَغْرَبي؟” كما يقول المثل المصري. ومن يستقوي بمن؟ هل تستقوي فلول نظام بن علي بفلول حسني مبارك ام العكس ؟
معنى “الاستثناء التونسي” في مفهوم العسكر هو وجود الاسلاميين خارج السجن، كما هو الشان في مصر وسوريا والعراق… وهو ما يجب تعديله. ليلعب سبسي تونس وسيسي مصر، دور فرض حفتر في المشهد الليبي عكس ما تريده الجزائر.
السيسي وكيل سياسة الآخرين، ليس إلّا بوابة لتسريب النفوذ الروسي في ليبيا، لم يقدّم أحد للسيسي ما قدّمته السعوديّة ولم يغدر أحد بها كما غدر بها السيسي لما باع صواريخ للحوثيين أعداء السُّنة العرب.
وفي تونس هنالك فساد في الدولة، اما مصر فهي دولة للفساد وليست لشيئ آخر… ونحن نخشى العدوى. ولست افهم عبقرية بعض مثقفينا المرحّبين بأحد سفّاحي العصر؟ !!!.. صلّت ام كلثوم الجمعة بالزيتونة وبنت مسجدا. اما انت يا فرعون الصغير فما الذي جئتَ تهدِمه؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock