تدوينات تونسية

في تقريض الثورة.. حسبها الحرّية والبقيّة تأتي..

نور الدين الغيلوفي
1. في بعض منابر الإعلام الرخيص يُهاجَمُ المنتصِرون للثورة كما لو أنّ الثورة باتت تهمة لهم.. وبعد أن كانت ذيول المخلوع وتوابعه، وقد فرّ رأسُهم، تدّعي وصلا بالثورة في لحظات اتّقادها الأولى، وبعد أن كانت فرائصهم ترتعد من مصير كانوا يتوقّعونه عندما كان كلّ شيء ممكنا، بعد كلّ ذلك صاروا يتهكّمون بالثورة ويسخرون من المنتسبين إليها.. حتّى انتهى بهم الأمر إلى تسميتها بثورة البرويطة كما قالت خادمة قديمة كانت مُكَلَّفة بمهمة لدى زوجة المخلوع…
2. يستكثرون على الناس الحديث عن الثورة ويعيّرونهم بالقِدَم بعد ستّ سنوات فقط من فرار رئيس نظامهم الذي قامت عليه الثورة وقد نسوا أنّهم ظلّوا يسمّون عهدهم بالعهد الجديد من 7 نوفمبر سنة 1987 حتى يوم 14 جانفي 2011.. وظلّوا ينعتونه بالتغيير المبارك ربع قرن من الزمان كأنّهم قد شهدوا نهاية التاريخ عنده.. أفلا يستحون؟
3. ينتهزون حالة الارتباك التي تشهدها الثورة في المجالين الاقتصاديّ والاجتماعيّ وضعفَ أداء الحكومات ليرسلوا نواحهم على جنّات عدن تجري تحتها الأنهار كان الشعب التونسيّ ينعم بها ولكنّه شعب جاحد للنعمة.. ويتناسى هؤلاء أنّ الحرية أمّ المكاسب كلّها وهي مفتاح العدالة والرخاء.. بالحرية نحيا وعليها نموت.. ولكن أنّى لهم أن يفقهوا معنى الحرية وهم لم يفتقدوها يوما؟ وهل يحتاج العبيد إلى الحرّية؟
4. الذين أعجزهم منهم الدفاع عن المخلوع هربوا إلى سَلَفه بورقيبة الذي وجد التونسيّين ذرّات تراب فعجنهم ليكوّن منهم شعبا.. ويمنّون على التونسيين مدرسة هنا أو مستوصَفا هناك كأنّ الجهل والمرض قدر على هذا الشعب وزوالهما مستحيل إلّا بمبعوث سماويّ.. وكأنّ فرعون هو الذى بنى الأهرامات بيديه.. فهل يحقّ لنا أن نفاخر بالاحتلال الفرنسيّ الذي مدّ السكك الحديدية وأقام بعض المرافق على ظهور التونسيين ليستعملها حتّى نبقى على ترتيل أناشيد إنجازات تركتنا عند الحدّ الأدنى في حين تقدّمت الأمم من حولنا أشواطًا وأشواطًا؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock