تدوينات تونسية

ذكرى 14 جــــانفي،،، ستستمرُّ شوكةً في حلق السّاخطين عليها

منجي باكير

ثورة العمق الشّعبي التونسي التي انتهت في 14 جانفي 2011 تتويجا باندحار أكبر نظام بوليسي حديدي عرفه العصر الحديث، فرّ من بعدها بن علي راعي الظلم والظلمات الوليدة وكذلك السّليلة للنّظام البورقيبي الذي سبقه،،، فرّ مذعورا منبوذا مُقطّع الأوصال والآمال في مُلك لم يراع فيه الله ولم تسلم منه شعائر الله ولم تقم فيه شرائع الله ولم تسلم من غطرسته ولصوصيّة حاشيته وعائلته لا البلاد ولا العباد، فكان له النّفي والخزي وكثير من الألم والإثم الذي سيظلّ يلاحقه أبدا ما بقي.

ثورة 17 / 14 نراها نحن وكذلك كلّ من تملّك فكرا مستنيرا وبصيرة صافية، وخصوصا يوم 14 جانفي بالذّات هو موعد جزاءٍ وعقاب لمن كان يسعى بالليل والنّهار في تعقّب خلق الله لمنعهم من ممارسة حريّاتهم وتحقيق هويّتهم وإقامة شعائرهم، لمن غرس أظافره المتّسخة في لحوم الذين عاشوا الترهيب أو ماتوا تحت التعذيب، لمن شرّد وسجن ووأد وقتّل ونهب وسرق وطبّع ومكّن أذياله وأزلامه وعشيرته من استباحة البلاد والتسلّط على العباد.

وسيظلّ 14 جانفي -هذه الذّكرى- موعدا متجدّدا ينذرُ بمثل ذاك العقاب ولمثل ذاك السّبب كلّ من تحدّثه نفسه يوما بظلم هذا الشعب مرّة أخرى،، سيظلّ كذلك لكلّ من يفكّر في فعل ما ينكّل بهذا الشّعب وما يضرّ به، أو يسعى إلى تكميم الأفواه وقطع الأرزاق ونهب الثروات ورهن وبيع وتطبيع البلاد،،،

سيظلّ 14 جانفي مترصّدا لكل من لم يعتبر بنهايات الظّلَمة والفاسدين وأعداء الشعوب والحريّة فعاد ليمارس نفس الخطايا في حقّ مواطنيه، يبيعهم للغريب بعد أن يفرّط في ثرواتهم وحريّاتهم وعقائدهم ليقايضها بعُقده وشهواته الفاسدة أو بعضا من مصالح عشيرته وزبانيّته.

14 جانفي سيبقى الشّوكة التي تنغرس في (عقل وحلق) كلّ من أراد إعادة الحلقة البنفسجيّة وراودته الأحلام بأن ينجح. سوف لن يهنأ ولن ينجح ولن يستتبّ له ذلك أبدا ما بقي هذا العمق الشعبي عِرقا واحدا ينبض بالحياة.

سوف يبقى 14 جانفي حيّا في هذا العمق ليترصّد كل ما يُحاك بليل،،، قد يفلت العقال وقد يُمرّر الوعي الشعبي بعض الإنتهاكات في بعض المجالات،، لكن أبدا أن يرضاها كلّ الوقت، بل سيبقى شوكة نابتة في حلق السّاخطين عليه…

14 جانفي ليس (نهر الأمنيات) ينتظر من يلقي فيه زهوره، تفاؤله وتمنّياته، ثم يذهب لينام، وليس (حائط مبكى) للمشكّكين واللاعنين والمحبطين الذين أقعدهم إحباطهم و -فارقوا- مسار الثورة وتركوا زمامه لغيرهم،،، 14 جانفي هو تجديد عهد وعزيمة للمضيّ قُدما نحو النّصر والإنتصار للثورة،، قوموا إلى ثورتكم فانصروها وآزروها وثبّتوها برغم الدّاء والأعداء، قوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock