تدوينات تونسية

زلّةُ فالس المقصودة… بين هيبة الدولة وأزمة الاتصال

عبد السلام الزبيدي
من المهم أن نتساءل عن كيفية تشكّل الحكم لدى إيمانويل فالس (رئيس الوزراء الفرنسي السابق والمترشح للانتخابات الداخلية للحزب الاشتراكي الفرنسي لاختيار ممثله في الانتخابات الرئاسية) بأنّ تونس وإيران تفرضان الحجاب على المرأة بالقوة!!! هل نكتفي بالتنديد او بالنقد أم نطرح الأسئلة الجذرية والعميقة.
من المفترض أن ما قاله فالس مبني إما على “موقف عدائي” أو “تمييزي” سواء ضد تونس أو ضد السلطات التونسية أو ضد بعض مكونات المشهد السياسي التونسي أو ضد بعض مقومات هويتنا… افتراضات ينبغي أن توضع تحت مجهر التحليل السياسي المؤسساتي للوقوف عند التداعيات والمآلات لموقف شخصية سياسية فرنسية يمكن أن تصبح في غضون خمسة أشهر رئيسا لفرنسا شريكنا الاقتصادي الاول.
تونس وإيران تفرضان ارتداء الحجاب على المرأة بالعنف، هذا حكم من المفترض أنه مبني على معطيات حتى نزيح من طريقنا فرضية الكذب.
فهل استقى فالس “معلوماته” من أجهزة استخبارات بلاده ؟ إن كانت الإجابة بنعم فتلك كارثة يضيق هذا الفضاء عن الدفع بتحليلها الى اقصاه.
وإن استقاها من تقارير سفارته فالكارثة أكبر.
ومعلوم أن لسياسيي الصف الأول في فرنسا علاقات متشابكة مع النخبة السياسية والفكرية التونسية، ونحن نُنزّه نخبتنا عن تشويه البلاد فهي أرفع مقاما من ذلك ووطنيتها ليست محل مزايدة… نُنزّها من الخيانة قبل أن نُنزّهه من السذاجة.
وإذا كانت كل الفرضيات ممكنة التحقق أو المستبعدة كارثية الدلالات والمآلات، فإن افتراض أنه كذب على تونس في لحظة حماسة الحوار مع الشابة الفرنسية من أصول مغاربية عتيقة الطرابلسي يُعتبر أقل خطورة.
“زلة لسان مقصودة” من شخصية سياسية سجلها حافل بالزلات الجارحة على غرار تلك التي صدرت منه في حق رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي تستحق طلب التوضيح في الحدود الدنيا، أما من يؤمن بمفهوم الدولة بمقوماتها السيادية ومميزاتها الاعتبارية فمن واجبه رفع صوته عاليا دفاعا عنها وعن هيبتها ومن واجبه أيضا أن يستنهض همّة معهده الاستراتيجي ودبلوماسيته للنظر بعمق في الفرضيات الواردة أعلاه وتقدير تبعاتها بما فيها تلك المستبعدة.
وغنيّ عن القول أنّه إذا كان “صديق تونس” يقدّمها بتلك الصورة فإنه علينا ألاّ نكون في موضع الدهشة عندما يرسم لها الآخرون صورة أكثر قتامة، وذلك هو الوجه الآخر لأزمة الاتصال في الدولة التونسية…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock