تدوينات تونسيةمقالات

ولا تؤتوا السفهاء إعلامَكم، عن الجزيرة.. والصِّغار…

نور الدين الغيلوفي
1. الجزيرة شبكة إعلامية عملاقة لا تلاعبها الأقزام ولا يضيرها الأشباه.. وقد باتت شبكة متعدّدة الاختصاصات عابرة للقارات وصار لها حضور متميّز في جميع أرجاء المعمورة بفضل جهود القائمين عليها وبفضل أدائها الإعلاميّ الاحترافيّ النادر في مشهد إعلاميّ كونيّ بات فيه العرب مجرّد مستهلكين ومنفعلين.. عجزت دونها عتاة الأنظمة التي لم تدّخر جهدا في تشويهها وترذيلها.. بل تجاوزت ذلك إلى التآمر عليها.. ونحن لا نزال نذكر استهدافها من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن الذي من فرط انزعاجه من أدائها استهدفها بالتفجير.. ولاحق جيشه مراسليها من أفغانستان إلى العراق إلى غيرهما من المواقع فقتل منهم من قتل ونجا منهم من نجا.. وقصصهم معروفة لجميع متابعيها.. وأنا من متابعيها منذ انطلاقتها ولست إلى الآن أثق بغيرها مثلما أثق بها.. ولست أرى مصداقية ترقى إلى مصداقيتها ولا يظهر من البرامج ما يعادل برامجها ولا من الأداء ما يرقى إلى أداء فريقها.
2. الجزيرة قناة إعلامية حرفية تستهدف نقل الحقيقة باقتدار منقطع النظير في المشهد الإعلامي العربي كلّه حتّى لقد صارت مدرسة يفيد منها الإعلاميون في مختلف دول العالم.. وهي إلى منزعها الاحترافيّ لا تخفي انحيازها إلى ما ترى فيه خيرا للأمّة وأشواق شعوبها إلى التحرّر من الدكتاتورية والانعتاق من التبعيّة.. وبنهجها هذا اكتبست من الأعداء بقدر ما كسبت من الأنصار.. وحيثما كان نجاح كانت بالضرورة عداوات وحيثما كان تفوّق كان مخذّلون.. ولعلّ ذلك من حكمة الكون التي تقتضي تمازج الأضداد.. ولكن الجزيرة ماضية في طريقها التنويريّ تشهد تطوّرا مطّردا رغم المضايقات ورغم التشويه.. قد جمعت صفوة من إعلاميّي الوطن العربيّ يُعدّون من نخبة الملتزمين بمواثيق الشرف الإعلاميّ.. وإنّ فريقا يجمع بين جمال ريّان ومحمّد كريشان وأحمد منصور وفيروز زيّاني وخديجة بن جنّة وإيمان عيّاد وأحمد الشيخ وعثمان آي فرح وغادة عويس.. أقول إن فريقا يجمع بين هؤلاء وأمثالهم لا يمكن إلّا أن يكون فريقا عربيّا صميما يحمل الأمّة بين جنبيه ويمضي إلى غايته لا يضرّه من ظلمه…
3. مارست قناة الحوار التونسي، التي هي خلاصة لقاء بين إعلاميين تونسيين هما السياسي المعروف الطاهر بن حسين وإعلاميّ ثان عُرف بكونه من أبواق النظام البائد وخَدَمِ القصر.. كانت مهمته قبل الثورة قاصرة على تخدير التونسيين بما كان يبيعهم من ثراء موهوم في برنامج لا يزال يديره ليستنزف به جيوب العوامّ وعقول الطامعين في الثراء السريع.. مارست هذه القناة في حقّ الجزيرة انتهاكا لا أخلاقيا على يد إعلامية متسكّعة متسلّقة لا تعرف للنزاهة عنوانا ولا تدرك للصدق جهة و لا تفهم للأخلاق معنى ولا ترى للمهنة شرفا.. إعلامية موتورة تحترف عداوة من خالفها ولا تعترف بمن لا يوافقها.. بل هي شبه إعلاميّة لا تزال مسكونة بثأر قديم من القناة التي رافقت الشعب التونسي في ثورته المظفّرة على منظومة الفساد والاستبداد.. لذلك فإنّ هذه القناة لا تزال من أشدّ العقبات التي تحول دون تحقيق أهداف الثورة وتقف حجر عثرة أمام كلّ جهد توافقيّ يخرج بالاجتماع التونسي من حالة الانقسام الحادّ إلى ضرب من التعاقد الذي يساعد على تقدّم البلاد.
4. ولمّا كانت هذه الإعلامية الكذوب تعلم شناعة ما ستأتيه من فعل قبيح تعاقب عليه القوانين وتعرف أنها تقدم على فعلتها مع كامل الإصرار والترصّد فقد سعت إلى ترتيب أمرها حتّى تحميَ نفسها واستدرجت إلى حلقتها وزيرا في الحكومة التونسية لتجعل منه حبل نجاة لها متى كُشف أمرها ولم تمرّ حيلتها بسلام.. وفعلا فقد سقط الوزير الأحمق في الفخ ومضى في إدانته لقناة الجزيرة على جريمة لم ترتكبها.. ومضت الإعلاميّة مع محاورها في هجومها اعتمادا على صورة مفبركة لا يمكن أن يصدّقها كلّ من عرف الجزيرة وعلاقتها الوثيقة باللغة العربية.. إذ الجزيرة قد تكتب على شاشتها عبارة “وضح النهار” ولكنّها لا يمكن أن تستبدل بها عبارة “وضح الليل”.. ولأنّ مذيعتنا لا تفهم اللغة العربية فإنّها لم تنتبه إلى الأمر وهي تظنّ أنّها قد استترت بظلمة الليل من وضح النهار.. واكتفت وهي تهجم على الجزيرة بشمعة منها لم تعرف استعمالها…
5. والآن وبعد انكشاف أمرها فقد اُكرهت على الاعتذار.. ولكنّه كان اعتذارا زائفا.. فبعد أن اتهمت الجزيرة بالحضور إلى مدينة القصرين قبل اندلاع الأحداث في إيحاء بأنها هي المسؤولة عن افتعالها، بعد ذلك، ظهرت على المشاهدين تحت ضغط الفضيحة لتقدّم اعتذارا ملتبسا لن يصدّقه منهم أحد.. فلقد كذبت مرّتين…
6. لقد كانت هذه السقطة فرصة سانحة لتزيد هذه القناة من انحدارها وتفقد قيمتها لدى المشاهدين.. أما هذه الإعلامية فستكون مضرب مثل في التزييف والتلبيس ولا أظن أن تنتدبها في المستقبل قناة إعلامية تحترم نفسها وتراعي جمهورها…

الصورة المزيفة التي نشرتها قناة الحوار التونسي

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock