تدوينات تونسية

رئيس الحكومة واقف لتونس أم يعطّلها ؟

شكري الجلاصي
أم المعارك النضالية الحالية هي المعركة التي يخوضها شرفاء القضاء ضدّ محاولات السلطة التنفيذية ضرب إستقلالية القضاء ووضع اليد على المجلس الأعلى القضاء بتعطيل إستكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء كما حدّده الدستور، وإحداث شرخ وانقسام داخل سلك القضاة عبر تصوير الأزمة المتسبب فيها رئيسا الحكومة والجمهورية على أنها صراع بين الهياكل بين جمعية القضاة ونقابة القضاة،
فلقد وقع إنتخاب الجزء المنتخب والمتكوّن من قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين،
ولكن ظلّ الجزء المعيّن بالصفة معلّق بسبب رفض رئيس الحكومة منذ أكثر من شهر الإمضاء على تسمية أربع قضاة سامين مقترحين من الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وهم ؛
– الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وهو الطرف الوحيد المخوّل حسب القانون لدعوة الجلسة الأولى للمجلس الأعلى للقضاء،
– الوكيل العام لدى محكمة التعقيب
– الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف
– رئيس المحكمة العقارية

وتوازيا مع رفض الإمضاء على التسميات المذكورة حصلت ثلاث محاولات غير قانونية بائسة لإنعقاد أول جلسة للمجلس، وكانت أول محاولة فضيحة وعار كانت ستضرب صورة وإستقلالية المجلس إلى الأبد لولا تصدّي شرفاء القضاء لأنّها كانت ستعقد في قصر قرطاج بعد أداء اليمين الدستورية أي في مقر السلطة التنفيذية، ثم تكرّرت محاولة ثانية وآخرها منذ يومين وكلاهما فشلتا،
واليوم 29 ديسمبر يتواصل التعنّت وهناك محاولة رابعة لإنعقاد أوَّل جلسة دون إستكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ومحاولة لتركيع السلطة القضائية تحت هيمنة السلطة التنفيذية وهو ما سيمثل ضرب لأهم هيكل دستوري في البلاد يرتكز عليه مصير تطوّر مسار الإنتقال الديمقراطي وترسيخ دولة القانون والمؤسسات والمواطنة والكرامة.
ومن تداعيات هاته الأزمة والتعطيل المتسبّب فيه رئيس الحكومة، هناك تهديد آخر خطير على أشغال السلطة التشريعية ولا أدري هل نواب ورئيس المجلس على وعي وعلم بهذا، لأنّ هذا التعطيل يعطّل بدوره الهيئة الوقتية لمراقبة مشاريع دستورية القوانين في غياب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الذي يترأس هذه الهيأة والذي يرفض السيد يوسف الشاهد الإمضاء على سدّ الشغور في هذا المنصب الحسّاس جدًّا.
كما أنّ تعطيل تركيز هذا الكيان الحيوي له سلبيات حتى على الوضع الإقتصادي وإنتظارات المستثمرين الوطنيين والأجانب من ترسيخ عدالة وقضاء مستقل ونزيه كأحد مؤشرات وضمانات مناخ الإستثمار السليم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock