تدوينات تونسية

هي دمّالة، وتفقعت… نكمّلوا نكووها…

عبد اللطيف علوي
أحد الأصدقاء الإعلاميّين اغتاظ كثيرا من عبارة كتبتها في تدوينة سابقة، قلت فيها “وتحبّ ولاّ تكره، هذوكم اللّي يصنعوا الرأي العام، وهذوكم اللّي ربّحوا الباجي و النداء في الانتخابات، وقتلّي القنوات المحسوبة على الثورة يغرّد فيها البوم وما يتفرّجوا فيها كان المنشط وعايلته…”
اي نعم سيدي، ونعطيكم مثل باش تفهموا كيفاش يخدم إعلامنا البديل:
يتّصلون بك قبل البرنامج بساعتين ويدعونك للحضور على البلاتو، وعندما تعتذر بسبب ارتباطاتك المهنية أو العائليّة، أو حتّى النفسيّة والذّهنيّة، يعتبرونك متعاليا ومتخلّيا عن القضيّة…
بعض النّاس يعتقدون أنّه يكفي أن تكون تتقن الكلام باللغة العربيّة، كي تكون جاهزا للحديث في كلّ المواضيع وفي كلّ الأوقات …
من يحترم نفسه، ويحترم قضيته ويحترم مخاطبيه، يجب أن يأخذ الوقت الكافي لترتيب أفكاره وتحيينها ومراجعتها إذا لزم الأمر قبل أن يخرج على الناس ويتعالم وينظّر ويفتي…
أنا هكذا أفهم دور الإعلام ورسالة المثقف …
وما نيش وجه تلافز ولا فرحان بيها ولا أسعى إليها…
ما يسمّى بإعلامنا البديل فعلا يغرّد فيه البوم، (بمعنى أنّ نسبة مشاهدته في الحضيض) لأنّه مازال عشوائيّا ارتجاليّا بلا رؤية جماليّة أو مشهديّة مغلق على ذاته موجّه إلى فئة واحدة وحيدة لا شريك لها، وهذا يعني باختصار أنه أبعد ما يكون عن فهم أبسط أوّليّات المفاهيم الإعلاميّة…
قنوات العار التي نسبّها ليلا نهارا وكامل أيّام الأسبوع، ستظلّ هي التي تخلق الرّأي العامّ وتتحكّم فيه بالكوموند، لأنّها تعرف ماذا تفعل… تعرف كيف تستوعب المشاهد في فترة الذروة من الساعة 7 إلى الساعة 10، ثلاث ساعات في اليوم كافية لتشكّل فيها الرّأي العام كما تريد وتعجنه مثل طينة طيّعة، عن طريق الصورة والإبهار والمشهديّة واستضافة ما يسمّى ب”الدّوابّ الإعلاميّة” les Bêtes médiatiques وتنويع المحاور داخل نفس البرنامج بين ما هو سياسي وما هو ترفيهي وما يهتمّ بشؤون النّاس… ومن خلال كلّ ذلك تبثّ هذه القنوات سمومها في الوعي واللاّوعي، ويتقبّل المشاهد كلّ تلك التّضمينات وهو في غاية الاسترخاء وفقدان المقاومة…
أين إعلامنا “البديل” من كلّ هذا؟
كلمة الحقّ وجّاعة، لكنّها الدّواء لمن أراد الدّواء…
غير ذلك من المجاملات، قاموسي فارغ منه تماما… الله غالب…
هكذا ولدت، وهكذا أموت…
لا أسعى إلى خلق العداوات مع أحد، لكنّني لا أقيم اعتبارا لأيّ شيء، أمام كلمة حقّ أؤمن بها، ولن أحبسها في حلقي حتّى ولو طار معها رأسي.
سلام.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock