تدوينات تونسية

مِنْ أجْلِ ذلِك كانَ الأمْرُ كذَلِك

المنجي السعيدي

لِأنََ دَمَ الضََحيََة يَظلُّ عَالِقًا بيَدِ المُجْرِمِ ولا يَمْحو آثَارَهُ ماءٌ ولا غِطاءٌ…
ولأنََه في لحْظةِ الانْتِصار يحْسُدُ الجلًًاد ضحيََته حتّى على الألَمِ الذِي عَاناه وعلى الصُّمودِ الذِي أبْداه فيَقُول يا ليْتَني كنْتُ مكَانَه…
ولأنََ المُرْتَزقة الذِين أرادوا أن يبْنوا لأنْفُسِهم أمْجادا مغْشُوشَةً وأنْ يخْتَفُوا ورَاء ستَار نِضال مزْعومِ لمْ يصْمُدْ مسْعَاهم سَاعَةً واحِدةً عنْد انْكِشافِ الحَقيقة رغْمَ ما أنْفِقَ في سبِيلِ ذلِكَ منْ وقْتٍ ومَالٍ…
ولأنََ كثِيرًا من الذِين اسْتغَلُّوا سمَاحة التُّونُسِيِّين وتظَاهروا بعْدَ الثََورة بأجْسَادِ بِغَالٍ في ثوْبِ فُرْسَانٍ وأبْطالٍ وجَدوا أنْفُسَهم منْ جَدِيدٍ أقْزَامًا بل حشراتٍ أمام ظُهُورِ المُناضلين والمناضلَات ولَمْ يجِدوا بيْنَهم موْقِعًا ولا مكَانًا…
ولأن قطَار النِّضال والصُّمود قدْ مضى ولنْ يلْحق بِهِ من كان بالأمْسِ يبِيتُ مُتمسِّحًا بالأعْتابِ وأرادَ اليَوْمَ بناءَ صرْحٍ مغْشُوشٍ…
ولأنََ كُلََ المَسَاحيقِ التِي طلى بها الفاسِدون وجُوهَهم المتعفِّنَة امَّحَت فِي أوََلِ مشْهدٍٍ للحقِيقَة وتعرََت وظَهرَ زيْفُها وغَباؤُها…
ولأنََ عُقْدة الاحْسَاسِ بالحقَارة والدُّونِيََةِ والوضَاعَة وتذكُّرِ لحظاتِ التملُّق و”الطْحين” وبيْعِ الذِّممِ والتََفْرِيطِ في الشََرفِ بلا مقابِلٍ، ظَلََت تُلازِمُهم ليْل نهَارْ…
لأجْلِ ذلِك لمْ يجِدوا غيْرَ حلٍّ واحِدٍ هو منْ جِنْسِ ما اعْتادوا عليْهِ : مهاجمةُ هيئة الحقيقة والكرَامَة ومُحَاولَة إرْبَاك مسَارِها وتعْطِيلُ انْجازَاتِها… فالقضيََة قضيََة عُقَدٍ وأمْرَاضٍ نفْسيََة وأحْقادٍ وحُسْدٍ ولا صِلَةَ للمَسْألَة لَا ببنْ سِدرين ولَا بشُبُهات ولا خُرُوقَاتٍ…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock