تدوينات تونسية

ادخلوا عليهم الباب !

زهير إسماعيل
الفساد شبكة، وتكون في الغالب معقّٰدة، وتحاول أن تتحصّن في مواجهة التحقيق والتدقيق ولاسيّما الذي من قبل دوائر المحاسبات.
وفي ظلّ الاستبداد يصبح الفساد قلعة محصّنة مستحيل الوصول إليها.
ولكن، وأنا أستمع هذه الأيّام بالخصوص إلى أسئلة النائب عماد الدايمي الدقيقة والموثّقة، يتبيّن أنّ معطى الحريّة يُغيّر من المشهد، ويجعل قلعة الفساد هشّة إلى حدّ كبير رغم ما تعمد إليه من متاهات بيروقراطيّة. وقد ظهر هذا في ارتباك بعض الوزراء أمام التوثيق والتدقيق وقوة الأدلّة ووضوح الحجج وصراحة المقارنات. وأعطى الأمل بأنّ النيابة العموميّة ستكون طرفا في عديد الملفات.
مثل هذا السؤال مختلف اختلافا نوعيّا عن “السؤال الجهوي” -على أهميّة المطالب الجهويّة- والفارق بين السؤالين هو الفارق بين الأصل والفرع والمقدّمة والنتيجة. وهو ما يعني أنّ الفساد من الأسباب الأساسيّة لغياب التوازن الجهوي، بل إنّ التهميش الجهويّ مظهر من مظاهر الفساد نفسه. مثل هذا الوعي سيسمح بالتمييز بين “الطرح الجهوي” و”الطرح الوطني” للمطلب الجهوي الواحد.
تمثّل هذه الأسئلة المستهدفة للفساد مدخلا لقلعة الفساد، رغم محدوديّة ما تتيحه “الديمقراطيّة التمثيليّة”، ورغم تقاليد الطحين والتبعيّٰة والزبونيّة والغنائميّة التي أرستها برلمانات بورقيبة وبن علي، عبر عقود متتابعة، فإنّ سياقنا الجديد بمنسوب الحريّة العالي والخطوات المهمّة في الممارسة الديمقراطيّة ووجود عناصر مشبعة بالثقافة المواطنيّة الاجتماعيّة وقيمة العدل الاجتماعي وواجب ردّ الحقوق إلى أصحابها وتوفير شروط نهوض البلاد يوقد الأمل بكسب المعركة ضدّ الفساد.
سيكون شرف ما بعده شرف بدء المعركة ضدّ الفساد… شرف ستخلّده الأجيال.
لا يمكن لهذه الأسئلة إلاّ أن تدشّن الحرب ضدّ الفساد… ولتوفّر كلّ الإمكانيات وإن قلّت…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock