تدوينات تونسية

الجميع قد تآمر ضدّهم

نضال السالمي
في رحاب “الضّحايا” مرّة أخرى :
“ضحايا التّعذيب” مفهوم تعويمي يشرُدُ بنا بعيدا عن الحقيقة إذ يحصر الجريمة في من قاموا بالتّعذيب المباشر ويجعل الصّورة تتركّز أساسا في الجلّاد والجسد ووسائل التعذيب.. والحال أنّ الحقيقة أبعد وأعمق وأمرّ من ذلك بكثير..
إنّهم “ضحايا الوطن”.. فالجميع قد تآمر ضدّهم.. والسّلسلة طويلة ليس الجلّاد إلّا واجهتها الأخيرة..

الجلّادون هم المحرّضون
الجلّادون هم الشّامتون
الجلّادون هم القوّادون
الجلّادون هم الحاقدون
الجلّادون هم مزّيفو التّاريخ.. والسّاخرون من الفظاعات.. والمستفيدون من غياب الضّحايا..
كثيرون يقولون لي : خرجنا من سجن ضيّق إلى سجن واسع.. فلم نجد من يواسينا.. من يتعاطف معنا.. من يأخذ بأيدينا.. بل أخرجونا إلى شعب كان أقسى علينا من سياط الجلّاد..
لا أحد كان يقبل بتشغيلهم..
لا أحد كان يقبل لاحتساء قهوة معهم
لا أحد كان يشفق عليهم أو يمسح دمعتهم
ما لا نعلمه أنّ كثير من ضحايا الإسلاميين وبعد خروجهم من السجن كانوا يضطرّون لتغيير أماكن السّكن باستمرار.. من مدينة إلى أخرى ومن ولاية إلى أخرى..
أحدهم يصف لي حرقة أن يوصي أولاده الصغار باستمرار أن لا يخبروا زملائهم أو معلّميهم أن أبوهم “خوانجي” أو كان في السجن.. فبمجرّد أن يعرف الناس ذلك حتّى تنقلب حياتهم وتبدأ المضايقات من أبسط النّاس.. حتّى المعلّم يتغيّر سلوكه مع الأبناء.. العطّار.. القهواجي… إلخ.. فيبدؤون فورا في التّخطيط للرّحيل من جديد..
إنّ مذبحة الإسلاميين ستظلّ عارا يطاردنا إلى الأبد… وسنبقى وحوشا حتّى نتحرّر من الجلّاد الّذي يسكننا.
__________
معلومة هامّة جدّا لأصحاب النّفوس المريضة : أنا لا أتحدّث هنا في السّياسة.. وأتقزّز من السياسة حين نكون بحضرة الفجيعة الإنسانيّة.. فبحيث لا تزعجوني بتعليقاتكم المريضة.. وردّدوا بين أنفسكم إلى قيام الساعة الأغنية المعروفة “هاو خوانجي”.. علما وأنّي أعتبر نعل الخوانجي أطهر من جميع أمجادكم وأفكاركم وأحلامكم.. فبحيث، أخطوني من هلوساتكم وأمراضكم : لا تعاليق ولا رسائل على الخاصّ وشكرا.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock