تدوينات تونسية

الدنيا بخير وهذا الدليل

محمد يوسف

قلق وهلع، وخوف من المستقبل، وتشاؤم رهيب يتسرب إلى نفوس التونسيين.

إن أشد ما يرعب الناس، هذا الانقسام الذي سرعان ما يطل عند كل حدث او مشهد جديد،

بالأمس توفي فيديل كاستروا، سرعان ما برز الانقسام بين الناس، هذا ممجد لهرم نضال ومناصر للقضية الفلسطينية، ومعاد للامريكان والصهاينة ومبشر بأممية الشعوب المستضعفة،

والآخر يرد عليه، ماذا فعل كاسترو الذي حكم اكثر من اربعين سنة، الحكم بالتوريث، ومستوى التنمية صفر، ولا ديمقراطية ولا حرية تعبير، ما عدا شعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع،

في قضية نقض رحمه الله، وبعد حكم قضائي قابل للاستئناف، هذا يجرم الدكتور الشبلي ومن ورائه النهضة تأكيدا لحركة “غنوشي يا سفاح يا قتال الارواح”.

وفي المقابل يستند الشق الثاني الى وقائع الحادثة والى تقرير الطبيب الشرعي وإلى الحكم القضائي الذي برأ الجميع واعتبر الموت طبيعية،

التوانسة ايضا منقسمون حول اتحاد الشغل فهو عند شق قد ساهم في إفلاس المالية العمومية وشجع المستخدمين على الكسل وعدم الانضباط، وعند شق آخر الاتحاد صمام أمان وحامي البلاد وصوت المستضعفين،

يطال الانقسام ايضا، الموقف من جلول وزير التربية وتداعيات الاضطرابات التلمذية الاخيرة،

وتشمل التفرقة ما يعرف اليوم بتمجيد النظام السابق وتبرئة ربن علي واعتباره بطلا قوميا واستعجال عودة النظام القديم برمته،

وفي المقابل يذهب البعض الى تجريم التجمعيين والمطالبة بمحاسبتهم ويرون ان بيت الداء في استمرار انتشار الفساد وطغيان الفاسدين ولا خلاص الا بصرامة وحزم تجاه هؤلاء،

ختلف التونسيون كذلك حول مسار العدالة الانتقالية وغيرها من القضايا التي لا حصر لها،

كما تطال الانقسامات، داخل الشقوق المتكونة اصلا لضدية الشق الآخر، حتى ان الحزب الحاكم منقسم الى ستين ألف فرقة، وهذا العدد دقيق، باعتبار انه نفس عدد منخرطيه،

ان كل هذه التجاذبات تدفع إلى مخاوف واقعية خاصة أن أسلوب التعبير عن الرأي والموقف يحمل عدوانية وكراهية ونزعة استئصالية للآخر، ولا يحتاج المتابع الى جهد كبير لادراك ان الانقسام اصلي وهو في كل شيء وبين دعاة المنظومة القديمة بديكتاتوريتها وفسادها وبكفاءاتها وأمنها وانضباطها، وبين حركة تغيير تسعى لتأسيس الحرية والعدالة والديمقراطية وتريد أن تبنيها بقيادات جديدة غير متورطة في الفساد،

بين هذا وذاك سعي لاستئصال ايديولوجي، ومحاكمة ضمنية على الفكر والاختلاف ورفض للاغلبية في عديد الاحيان ومخاوف من التغريب ومخاوف الدولة الدينية،

العجيب الغريب ان هذا الامر غير مخيف، باعتبار شرعية الاختلاف وطبيعته، ولنا في الدول الديمقراطية أسوة حسنة حيث يجد حتى المتطرفون حقهم في التعبير،

لكن المخيف حقا، هو تزايد عقلية الحقد والكراهية والإصرار على الاستئصال والتنكر للديمقراطية بتعلة اتهام الخصم بالعنف والإرهاب والتطرف.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock