تدوينات تونسية

رئيس الجمهورية بين الياس الغربي وزياد كريشان

عبد السلام الزبيدي

رئيس الجمهورية بين الياس الغربي وزياد كريشان… أو بين “المكلف بمهمة” و”صحفي السيستام”
حوارا الثالث من جوان والثاني والعشرين من نوفمبر لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي المتلفزين تكفّل بتقديم أولهما الصحفي المتعاون مع مؤسسة التلفزة التونسية حينها والمكلف إثر ذلك بمهمة الرئيس المدير العام لذات المؤسسة إلياس الغربي (تعاقب الأحداث لا تعني بالضرورة وجود علاقة سببية لكن التعاقب يمكن أن يكون مجرد قرينة)، أما الحوار الثاني فأداره الثنائي مريم بلقاضي من الحوار التونسي ومدير تحرير جريدة المغرب زياد كريشان.

وقد لفت انتباهي أداء كل من الغربي وكريشان، حيث ساهم هذا الأداء بقسط غير بسيط في تحديد مُخرجات الحوار، الصحفي المحاور يعتبر جزءًا أساسيا ومحوريا في العملية التواصلية ويُضفي على الحوار روحه وشخصيته، ومجرد نبش في الذاكرة يجعلنا نقف على أن زعيما سياسيا يتحول بسرعة من مهيمن على المحاور والبلاتوه والقناة إلى شخص يستحق الشفقة بمجرد تغير الصحفي أو البرنامج أو القناة.
حوار قايد السبسي مع الياس الغربي تم زمن إشراف معز السيناوي على مهام الإعلام والاتصال والناطق باسم قرطاج، ومعلوم أن الغربي والسيناوي اشتغلا مع بعضيهما في قناة نسمة وكانت هناك صيغ تعامل وتعاون بالوزارة الأولى في حكومة الرئيس فؤاد المبزع ووزيره الأول حينها الباجي قايد السبسي. هذا المعطى كان مهما في نظري لأنه جعل من الغربي حينها مكلفا بمهمة لدى السيناوي ومن ورائه رئيس الجمهورية.
فالمُحاور لعب دوراً بيداغوجيا وتكفّل بتذكير قايد السبسي ما قد يكون نسيه من حجج ومعطيات تم تدارسها بشكل جيد خلال إعداد اللقاء، ومجرد مشاهدة متأنية لذلك الحوار تجعل من اليسير التأكد من ذلك.
وعليه كان حوار إعلان مبادرة إقصاء رئيس الحكومة الحبيب الصيد جزءًا من تنفيذ استراتيجية الاتصال الرئاسي أكثر من أي شيء آخر، وللإشارة فإنه لا اعتراض لدي من حيث المبدأ على مثل هذه النوعية من الحوارات.

أما في الحوار الثاني فسأكتفي بالإشارة إلى زياد كريشان فقط، فالعلاقة بين الرئيس والصحفي كانت خلال اللقاء حميمية للغاية ولم يبخل الرئيس على الصحفي بعبارات المدح والمجاملة والتأكيد على أنه عارف بالفكر الديني والفلسفي والتاريخ والاتفاقيات الدولية، أي أنه تعاطى معه بوصفه مثقفا وتعامل معه بحميمية “ابن السيستام”.
وقد لمسنا فعلا في الحوار سعة اطلاع كريشان واستحسنّا إثارته لمسائل حساسة ومحرجة إلى حد ما لرئاسة الجمهورية وللرئيس ذاته، لكن في كل مرة نخال بأنه سيدفع الأسئلة إلى أقصاها يكون المآل خيبة الظن (مثلا علاقة الغياب عن جلسات الاستماع العلنية لضحايا الاستبداد بالمسؤولية في ارتكاب انتهاكات، مسؤولية قايد السبسي في أخطاء الحبيب الصيد وتأثيرها على المناخ الاجتماعي، مدى احترام رئيس الجمهورية لاستقلال القضاء..).
كريشان عكس وجه الصحفي المهني والمثقف لكن ضرورات السيستام كانت لها الزاماتها…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock