تدوينات تونسية

ارحموني

سامي براهم

منذ يوم الشّهادة المشهود الهاتف يرنّ من قبل شروق الشّمس إلى ساعة متأخّرة من الليل لا يتوقّف لحظة، قنوات إذاعات صحفيّون، من الدّاخل والخارج، من أجل تصريح أو حضور في برنامج، اكتشفوا فجأة أنّ هناك شخص تعرّض للتعذيب رغم مئات التقارير لمنظمات حقوقيّة، والشهادات الموثّقة، “بعض ما ورد في شهادتي دونته سابقا وهو منشور”.

بداية أعلمهم جميعا أنّ أصحاب الشّهادات التزموا بعقد أخلاقي مع الهيئة بعدم الإدلاء بأيّ تصريح لمدّة شهر،
ثانيا : أعلمهم أنّ شهادتي التي عرضتها في إطار برنامج العدالة الانتقالية كانت واجبا وقع تأديته وانتهى الأمر ولست على استعداد لفتح الجراحات من جديد ونشرها من قناة إلى قناة،
ثالثا : أعلمهم أنّ هناك مساجين عذّبوا أضعاف ما عذّبت ولكن ليس لهم ربّما بلاغة التعبير التي أملكها، هؤلاء أولى بالتعريف بمعاناتهم وهم ليسوا بعيدين، بعضهم لا يزال معتصما قبالة مجلس نوٌاب الشّعب.
رابعا : لن أقف مرّة أخرى موقف الشّهادة إلا في سياق ما تقرّره هيئة الحقيقة والكرامة ضمن إطار العدالة الانتقاليّة…
خامسا : شهادتي معروضة للعموم وهي ملك للجميع وقد دونت شهادات سابقة منشورة ولكنّ شخصي ليس مادّة للاستثمار الإعلامي.
كنت أعيش بهدوء بعيدا عن الأضواء والضوضاء، فانقلبت حياتي رأسا على عقب، ولن أسمح لنفسي بأن أستثمر هذه الشّهادة لتحقيق نجومية أو بطولة أو شعبيّة أو شهرة لست في حاجة إليها أو مادّة لرفع نسب المشاهدة،
أمّا التّونسيون والتونسيات الذين غمروني بمشاعر الحبّ والتقدير من خلال مئات الرّسائل الافتراضيّة فلهم كلّ الحبّ والتّقدير، وسأحرص أن أتفاعل معها رسالة رسالة مهما استغرق ذلك من وقت.
ملاحظة للبعض : الشهادات المتعلّقة بالانتهاكات التي وقع تقديمها في جلسات الاستماع العلنية وقع التصريح بها في جلسات استماع داخلية في الهيئة وعرضها على فريق متخصّص يضمّ قضاة تحقيق ومحامين أنفقوا أشهرا في التثبّت من صدقيتها باستحضار الشهود والقرائن والتقارير والأدلّة دون علم صاحب الشّهادة حتّى لا تتورّط الهيئة في شهادات كاذبة تسيء لحرمة الأشخاص المعنيين بها أو تضلّل الرّأي العامّ.
ما زاد على ذلك فهو من ذات صاحب الشهادة ووجدانه.
مذهلة …

حقيقة أنا في حالة لا توصف من الذهول بسبب حجم الرسائل التي تصلني ومن مضامينها الخارقة لطاقتي على القراءة والتحليل والتفكيك،
أعترف بالعجز المنهجي والمعرفي عن استيعاب ما الذي أحدثته في التونسيين والتونسيات شهادة رُوِيَت فيها بعض الشذرات من سرديّة العذاب،
يا جماعة تحليل الخطاب والتحليل النفسي أغيثوني بربّكم، الجميع يعترف لي أنّهم بكوا ولم يناموا، وأنّهم استفاقوا من غفلتهم بل انبرى المئات يطلبون العفو والسماح لأنّهم كما يقولون تخاذلوا وقصّروا في حماية الثّورة…
العدالة الانتقاليّة تحيي جذوة الثورة في التونسيين والتّونسيّات،
ماذا فعلتِ بالتونسيين والتّونسيّات يا هيئة الحقيقة والكرامة، يا أيّتها المذهلة ؟؟؟!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock