تدوينات تونسية

إلى متى تظلُّ رُموزُنا.. تشرقُ علينا من الخارج !!

عبد القادر عبار
ذات يوم من أيام 1989، شرفني بزيارة في بيتي، مع ثلة من الإخوة، شاعر معروف من رموز شعرائنا الكبار اليوم، لا أريد أن اسمّيه، وهو ما زال، يصول ويجول يشغل الناس بمقاله وشعره. ودار الحديث بيننا على النشر وضرورة الحضور في المشهد الثقافي الوطني، وسألني عن سر اختياري للكتابة والنشر في المجلات العربية خارج تونس دون المساهمة والحضور في نشرياتنا المحلية، حيث كنت أنشر بانتظام في “مجلة الأمة القطرية” و”الوعي الإسلامي” و”المجتمع” الكويتيتين و”المشكاة المغربية” و”النور” اليمنية.. فقلت هو اختياري ليقيني بأن مقولة “لا نبيَّ في قومه” تنطبق تماما على حالة المبدع في تونس.. وأن المواهب تنطفئ هنا في مهدها، وأن الإبداع يخنقه ويضايقه التهريج الثقافي فلا يُعْبَأُ به.. وضربت له أمثالا ونماذج معروفة ما أشرقت عندنا وما احتفينا بها إلا بعدما أكرمها ونوّه بها الآخر من الخارج..
فـ”الشابي” لولا مجلة “أبولو” وجماعة أدباء المهجر، ما كان ليحظى عندنا بمكانته التي نعرف.. وقس على ذلك الشيخ “محمد الخضر حسين” شيخ الأزهر.. والشيخ محمد الطاهر بن عاشور كمفّسر، ما شاع نوره العلمي وصيته في التفسير البياني للقرآن إلا بعدما احتفت به، وأبرزته الجامعة الإسلامية في الجزائر (والشاهد عندي تفسيره مطبوع في الجزائر في أروع طباعة)..
وحديثا، الكثير من الطاقات والكفاءات في شتى المجالات يفاجئنا بها الغرب تعريفا وتكريما.. لأنه يراد لها أن تظل نكرة في وطنها، مثل البروفيسور المرحوم “منصف بن سالم” في المجال العلمي، والدكتور منصف المرزوقي في نضاله الحقوقي والدكتورة “حياة عمري” في مجال الاختراعات والشيخ “راشد الغنوشي” في مجال السلم الاجتماعي ونظرية التوافق السياسي.. فإلى متى تظل طاقاتنا ومواهبنا ونوابغنا مغبونةً، باهتةً، منسيّة في وطننا الذي هو بحاجة ملحة إلى خيرها وعطاءاتها ؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock