تدوينات تونسية

ذكريات نوفمبريّة لا تُمْحَى من الذّاكرة …

سامي براهم
7 نوفمبر 2013
لا أزال أذكر طعم احتفاليّات السّابع من نوفمبر المجيد في السّجون التّونسيّة… كان أعوان السّجن يستنفرون منذ الصّباح الباكر ويصفّفون المساجين السياسيين أمام طبق المرطّبات الرّخيصة ويلزمونهم بأخذ قطعة… و الويل لمن لا يأخذ نصيبه من مرطّبات الاحتفال أو يُعرض عن أكلها أو يتظاهر بالأكل أو يسلّمها لغيره أو يتخلّص منها… كان المشهد الرّهيب للابتلاع القسري للمرطبات المرّة يتمّ تحت رقابة مشدّدة من السجّانين والوشاة…
بعض الشجعان يرفضون أكل المرطّبات فيأكلون طريحة نبّاشة للقبور… وبعض المغامرين يسقطون القطعة أرضا متظاهرين بعدم التعمّد فيقع إلزامهم بأكلها ملوّثة بالتّراب… والبعض الآخر يتعلّل بمرض السكّري والويل لمن لم تبيّن تمارضه… أمّا البقيّة فيجدون الفتاوى المبيحة لأنّ الإسلام دين يسر ولا يكلّف الله نفسا إلا وسعها والضّرورات تبيح المحظورات… إلا من أُكْرِه وقلبه مطمئنّ بالإيمان…
ومن أغرب ما كان يعمد إليه بعض المساجين المقهورين بعد التناول القسري لحلويّات بطعم الذلّ والعار والقهر تقيّؤ ما تناولوه خفية بعد الدّخول إلى الغرف فإذا انتبه إليهم الوشاة يُعَاقَبُون أشدّ عقوبة فيعزلون في الزّنزانات الضيقة العفنة أو في غرف مرضى الجرب وذلك بعد العقوبة الجسديّة وربّما وقع نفيهم إلي سجون بعيدة…
ذكريات لا تُمْحَى من الذّاكرة… يخلدها كلّ سابع مجيد…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock