تدوينات تونسية

لا تحزن يا عبد الجليل… تلك السياسة الملعونة

الحبيب بوعجيلة
عرفتُ عبد الجليل سالم منذ الثمانينات حين التحق بنا في قسم الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الانسانية بعد تخرجه من كلية الشريعة.. كانت أجواء الجامعة منقسمة بين مشتغلين بالسياسة “حاف” وبين من يجمعون ممارسة السياسة بالاسئلة الفكرية…
كنتُ من هذا الصنف الثاني وكان جوهر أسئلتنا وقتها هو البحث عن سبيل الجمع بين الذهاب الى الاسلام هوية وعمقا فكريا ندخل اليه بانتظارات التقدمية والاستنارة والكفاحية والانحياز للمستضعفين.. كان عبد الجليل طبعا في سياق هذه المعاناة وأتصور ان تفرغه للبحث بعد ذلك لن يجعله الا في سياقات فهم عقلاني مستنير للدين الحنيف… انقطعت بيننا العلاقات وفرقتنا شؤون الحياة ولم أسمع به الا أستاذا في كلية الشريعة ثم عميدا لها…
هل يفهم في السياسة ام لا يفهم… هل أتفق الآن مع أفكاره..؟؟؟
لا أدري فلم أعرفه بعد ثمانينات الكلية ولم أقرا له والتقيته سريعا في مناسبات نادرة بعد الثورة… لكنه ابن لجيلي… جيل الاسئلة والقراءة والحيرة ورغبة التأسيس.. الآن وهو يواجه هذه الهجمة التي تنزل في أحيان كثيرة بين الضحالة واللاأخلاقية… أوجه له التحية والاسناد المعنوي الفقير في الوقت الذي ينهش لحمه أصدقاء اعرف انهم اقرب اليه مني ولكن تلك أحكام “الاصطفافات”.. وأهدي له بعضا من زفرات محمود درويش…
كمْ كُنْتَ وحدك، يا ابن أُمِّي،
يا ابنَ أكثر من أبٍ،
كم كُنْتَ وحدكْ

القمحُ مُرُّ في حقول الآخرينْ
والماءُ مالحْ
والغيم فولاذٌ. وهذا النجمُ جارحْ
وعليك أن تحيا وأن تحيا
وأن تعطي مقابلَ حبَّةِ الزيتون جِلْدَكْ
كَمْ كُنْتَ وحدكْ

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock