تدوينات تونسية

خدعة “فولتير”.. ونجيب الشابي

عبد القادر عبار
من المأثور عن سيدنا “علي” كرم الله وجهه قوله : “المَرْءُ مَخْبُوءٌ وراء لسانه”. فإذا تكلّم، فضح باطنه، وكشف عن حقيقته.. ولهذا قال “سقراط” لرجل تبختر أمامه بزخرف اللباس : “تكلّمْ لأعْرِفَكَ”.. !!
عندما كنت أدرس “فولتير ” في أول السبعينات، مازلت أذكر نكتة قالها لنا الأستاذ حول خدعة، كان يستعملها “فولتير” لإشهار كتبه الجديدة قال : من حِيَل -فولتير- المشهورة عنه، عند إصداره لكتاب جديد، أن يبثّ إشاعةً حول موته.. حتى تنتشر بين الناس، ثم يَصْدُر الكتاب، على أساس أنه آخر ما كتب المرحوم.. فيقبل الناس عليه إقبالا شديدا حتى تنفذ كل نسخه.
هذه الخدعة الطريفة (بصرف النظر عن صحّتها)، تذكّرتُها وأنا أرى مَيّتًا سياسيًّا، يقوم فجأة، ليُرَوِّجَ أنه مازال حيًّا.. “وعنده ما يقول”.. فاستَمِعوُا له !!
أضحكني صاحبُ الوَجْه الرُّخَامِي، وأحزنني.. بطلعته السبعينيّة، وبَحَّتِه السياسيّة، وصلعته الإيديولوجية، وهو يُدْلي بدَلْوِه المثقوب في بئر الديمقراطية النازح، ليُوهِمَنا -بكونه هو “عَرّافُ” السياسة و”قِسّيس” الديمقراطية-، أنه حريصٌ على الوطن ! وانه بالتونسيين رؤوفٌ، رحيم..!!!
أقول له ما قالته “أمّ ثَوَاب” وهي تهجو ولدها العاق، وهي عجوز مُنهكة قالت :
“أنْشَا يُخَرِّقُ أثْوَابِي ويَضْرٍبُنِي *** أبَعْدَ سِتّينَ عامًا، تبتغي الأدَبَا ؟؟”

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock